رجاء العتيبي
المجتمع -عادة- يطرأ عليه أحداث تغير من حالته، ظروف تحدث تحولات جديدة تنقله من شكل إلى شكل، فكل 10 سنوات يحدث بالمجتمع تغيير، وكل جيل (30) يحدث تغييرات كبرى، وهكذا، في العام 1932 أعلن توحيد البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية، استتب الأمن وعم الرخاء, مهد ذلك لبداية مجتمع مدني, شمل كل مناطق المملكة, ولأن المسرح (ثيم) مدني وجد في هذه البيئة مكاناً خصباً، فكانت مسرحية حسين عبد الله سراج (الظالم نفسه) ومسرحيات أخرى أتت بعد ذلك مثل: جميل بثين, ومسرحية الحب العذري, انعكاساً لهذه البيئة، وحسين سراج نفسه عاش حياته في الأردن وبيروت والقاهرة يوم كانت إشعاعاً حضارياً، درس هناك الشعر والمسرح والأدب، فعاد إلى وطنه ووجد بيئة صالحة للأدب والفنون فحظي بشرف كتابة أول مسرحية سعودية, فيما سعى أحمد السباعي لإنشاء (دار قريش للتمثيل القصصي) العام 1961م في مكة المكرمة، لم يكتب لهذه الفكرة النجاح وتم اعتراضها حتى أجهضت, ليس من المجتمع ذاته, إنما من فئة متشددة دينياً أزعجتها هذه الفكرة فكتبوا نهاية أجمل فكرة, ثم جاءت مسرحية وسطي بلا وسطية العام 2006م واعترضتها هي الأخرى مجموعة متشددة, ولكنها عرضت فيما بعد.
هكذا هم المثقفون يستشرفون واقعاً أجمل ويسعون إلى توسيع دائرته، ويتملكهم بالعادة شغف كبير لا ينطفئ حيال كل ما هو ثقافة وفن، يتقدمون الجمع ويخسرون الغالي والنفيس من أجل شغفهم، وفي النهاية تستجيب لهم الأنظمة.
وهذا هو الحال مع السينما والموسيقى، أبطال تقدموا الجموع، ناضلوا ثقافة وفناً حتى استجابت لهم المؤسسات الثقافية، لهذا تكون المعادلة على النحو الآتي:
أناس يتقدمون الجموع من أجل ما يعتقدون به، ويعرضون أنفسهم للخطر، حتى يكون ما يؤمنون به واقعاً، قد تتأخر النتيجة وقد تأتي سريعاً، لأن هناك عوامل أخرى تتعلق بمدى جاهزية البيئة التي يناضلون فيها، ومدى قوى التغيير، ومدى إيمان المجتمع به..
البيئة لا تتشكل من ذاتها، والأنظمة لا تقر شيئاً لا حاجة لأحد به، لهذا يكون جيل الرواد هم من يبدؤون الحكاية، فيستجاب لهم.
هذه حكايات تتداعى علينا بلا إذن في اليوم العالمي للمسرح، نتبادلها بيننا, ونقولها للجيل الجديد, أحداث وقضايا أخرى لا يتسع المجال لذكرها, غير أننا متفائلون أن تقدم قصص نجاح أجمل وأكبر وأشمل مع هيئة المسرح والفنون الأدائية التي أطلقتها وزارة الثقافة مؤخرًا, والقادم -بإذن الله- أجمل.