د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
لو لم تتخذ السعودية القرارات الاحترازية القصوى في الداخل لما استحقت قيادة مجموعة العشرين، فيما أهملت دول عظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا المسارعة في قرار الاحتماء، لن ينسى الأمريكيون لدونالد ترمب أنه لم يدرك مبكرًا مدى خطورة فيروس كورنا الذين سموه بفيروس الصين، وحتى الشعب البريطاني لن ينسى أن رئيس حكومتهم تبنى منذ البداية ترك الوباء يحدد نقاط الضعف المعرضة للإصابة، وكيف يراهن سياسي على تعريض أمة بكاملها للتجربة والاختبار، لكن مقارنة مثل هؤلاء السياسيين بالسياسيين في السعودية الذين بادروا بحماية أمتهم دون تعريضها لأي اختبار شعبهم يحيطهم بمحبته لأنهم أحاطوه باهتمامهم قبل أن يسترعوا محبتهم. في جو من الانغلاق على الذات وتبادل الاتهامات دوليًا بادرت السعودية بشجاعة عندما دعت إلى عقد قمة استثنائية افتراضية مؤكدة في الوقت نفسه أنه ليس وقتًا للتراشق أو الانكفاء للذات بل اعتبرته وقتًا للتكاتف واستعادة الثقة، قادت السعودية هذه القمة لتضيء طريق التعاون والاتصال العالمي من أجل تجاوز هذه الأزمة بجانب وضع حلول على المديين القصير والطويل ولم تنسَ أهمية الدول الفقيرة غير القادرة على مواجهة مثل هذه الأزمة، كما شددت القمة على أن تعليق التنقل الإنساني لا يعني قطع سبع التواصل حيث هناك أدوات تكنولوجية بديلة باستطاعتها أن تكون بديلاً للتواصل وأثبتت هذه القمة القدرة على التواصل العالمي عبر تلك الأدوات.
أكدت القمة في بيان مشترك ضخ أكثر من 5 تريليونات دولار لتعزيز الاقتصاد العالمي في مواجهة كورونا، والتأكيد على حماية العاملين والشركات الصغرى والقطاعات الأكثر تضررًا، وضمان تدفق المستلزمات الطبية والسلع والخدمات، ومعالجة اضطرابات سلاسل الإمدادات العالمية لدعم المواطنين والتجاوب مع حاجاتهم، مع الالتزام بمواصلة العمل لتسير التجارة الدولية وتفادي التدخلات غير الضرورية، مع دعوة تدابير رفع مستوى السيولة في الأسواق العالمية وتوفير الاستقرار المالي، وتحقيق بيئة تجارية واستثمارية حرة وغير تمييزية ومستقرة وإبقاء السواق مفتوحة من أجل استعادة الثقة وحفظ الاستقرار المالي وإنعاش النمو ودعم وتيرة التعافي وهو ما يتطلب تشكيل جبهة متحدة مبنية على الدلائل العلمية والتضامن الدولي لمواجهة الفيروس.
يعول العالم على مجموعة العشرين الذين يمثلون نحو 90 في المائة من إجمالي الناتج العالمي وتضم المجموعة كلا من: الولايات المتحدة وتركيا وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب أفريقيا والسعودية وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والاتحاد الأوربي وحتى يوم القمة في 26-3-2020 أصاب كورونا أكثر من 486 ألف شخص في العالم، توفي منهم ما يزيد على 22 ألف، فيما تعافى أكثر من 117 ألفًا. ما جعل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يشيد بالسعودية دعوتها لعقد قمة استثنائية لزعماء مجموعة العشرين قائلاً أثرت بالفعل الأزمة على الصحة والتعليم والاقتصادات في جميع أنحاء العالم وهذه القمة الطارئة من شانها أن تخلق تضامنًا مع شعوب العالم وخاصة الأكثر ضعفًا.