أحلام الزهراني
يُقال إن الأزمات هي التي تبيّن معادن الآخرين، كمشاعر مضطربة تكللت بالذهول والخوف من تلك الأزمة إلى أن أسدلت الستار عن حقائق أغفل عنها الجميع. ويُقال إن الأزمات هي التي تنزع الأقنعة، وتُظهر الخفايا، وتكشف الحقائق؛ لتعيد الترتيب، وتضع كلاً بالمكان المناسب له، ولتعطي كل ذي حق حقه، كأزمة كورونا التي انتشرت في جميع دول العالم - وما زالت -، وأبت أن تنتهي دون أن تبيّن لنا قيمة الإنسان في كل دولة، وكأنها تلوح بأن الأقوال ليست معيارًا للحكم؛ فالأفعال هي سيدة الموقف، وشتان بين (كونوا جاهزين لفقد أحبتكم) و(سنبذل الغالي والنفيس للمحافظة على صحة الإنسان وسلامته)، فهل سنعود بعد الأزمة الحميدة كما كنا من قبل؟! أم سنصدح فخرًا بأنفسنا؟!
فيروس كورونا الذي لا يُلمس ولا يُرى أمات حربًا، وأوقف ذنوبًا، وقتل أفكارًا، وأحيا قيمًا، ولمّ شملاً، وكشف مواهب، وأظهر أهمية البعض وتفاهة البعض الآخر، ووحّد أمة بأكملها؛ وبذلك أعاد لنا فطرتنا التي فطرنا الله عليها.
فيروس كورونا استطاع في غضون أسابيع أن يعلمنا (ما هلك أبطال التعليم والدين)... إلخ، أن يقنعنا به لقوة التأثير الغربي كونه محتويًا على حقوق الإنسان ومعطاء للحرية؛ إذ علمنا أن الخوف الأبوي جعلنا في مقدمة كل شيء، وبيّن قيمتنا الحقيقية التي فاقت توقعات الجميع في الوقت الذي تبرأت فيه بعض الدول من أبنائها، وأكد أننا أكثر شعب متمتع بحقوقه، وله الحرية المطلقة دون مخالفة شرع الله - عز وجل -. علمنا أن الاتصال بالله - عز وجل - هو طريق للنجاة، وأن أوامره وقاية لنا من كل أذى، وأن من أعظم النعم القناعة والرضا بأبسط ما لدينا. علمنا أن كل شيء نستطيع تأجيله لنرى ونجالس ونسامر.. فلا شيء أعظم من حب العائلة. علمنا أن لا أحد يسد مكان المعلم، وأحسسنا بقيمته، وعظم ما يبذله من أجلنا.. فيروس كورونا جعلنا نمرّ بأصعب مراحل الحياة، ولكنها ستفرج وستمضي، ولكننا حتمًا سنخرج بكومة دروس عظيمة، ستدوَّن، وتخلدها الذاكرة؛ لتُروى للأجيال القادمة، وستكون مضربًا للأمثلة لأخذ العظة والعبرة.. ففيروس كورونا جاء ليهذب وليس ليعذب.
للملك سلمان وولي عهده: سمعًا وطاعة.. للشعب السعودي: كونوا على قدر من المسؤولية.. لأبطال الصحة والأمن: شكرًا لجهودكم العظيمة.. للغرب: نحن أولاً شاء مَن شاء وأبى مَن أبى.