د. خيرية السقاف
حظيرة الدواجن التي خلف بيتها, المظللة بفروع شجرة الفكس الفارهة, التي يقفز كل فجر إليها ديكها الفارع توتيّْ الإحمرار عرفه «ليؤذن» بموعد الصلاة, كما كانت تخبرها جدتها مضمخة الجديلتين بالحناء, يوقظها صوته, فتنهض للصلاة, وقبل أن تصلي تركض إليها لتتفقد حبات «البيض» التي تنام تحت جناحي دجاجتها البيضاء, متى ستفرخ صغاراً يملأن عليها مساحة الحظيرة..
الحظيرة التي تدس تحت جذع شجرتها الأخرى بعض حلوى مما تقدمه لها «جدتها» كل يوم, وتنتظر صغار الدجاج ليتسلين بها..
الحظيرة كانت في هذا الصباح مغلقة, حين ركضت إليها وجدت بوابتها في قبضة قفل لا تستطيع أصابعها الرقيقة أن تفتحه, وأدركت بأن أصابعها ليست مفاتيح, على الرغم من أن «جدتها» كانت كثيرا ما تمسك بكفها وتعدُّ معها أصابع كفها واحداً واحداً وهي تقول لها:
«كل واحد من أصابعك مفتاح, وسوف أخبرك عندما تكبرين عن كل مفتاح منها أين ستجدين قفله»...
الحظيرة مغلقة, والديك «يؤذن», الدجاجة لا تزال تخبئ البيض تحت جناحيها, الفجر لم يتنفس عن شمسه, غصون الشجرة المتدلية لا تفصح لها عن موقع حلواها, وأمها تسرع لتجذبها إلى داخل الدار, لا تخرجي أبداً, لن يكون في وسعك الدخول إلى الحظيرة لأيام قادمة..
بكت: «كورونا» أيضاً؟
أومأت أمها إليها برأسها نعم..
فقالت الصغيرة: «عرفت اليوم إن أصابعي ليست مفاتيحَ, لم أستطع فتح قفل الحظيرة»..
لكن أمها أخذتها نحو صدرها وهي تقول لها: «بلى, سوف تعرفين الحقيقة يوماً, فليس كل الأقفال والمقابض من حديد, أو معدن آخر»..!!