د.عبدالعزيز الجار الله
مساء يوم الاثنين شعور غريب، عاشته المملكة في تنفيذ أول منع تجوُّل. لا ندري كيف مر علينا، اختلط فيه مشاعر متضادة من الخوف والفخر، وتداعيات مفزعة وفرحة.. تاريخ موغل بالقدم، ذكَّرنا بأهالينا الذين عاشوا على هذه الأرض، عاركوا الخوف والمرض وضيق العيش، وحاضر يقظ، بريقه معدني، ساطع يشع، ذكّرنا برائحة الأرض والأطياب. الصبح إذا تنفس.. للأرض رائحة الأوطان المشبعة بالولاء والانتماء، التي تسافر وتهاجر في دواخلنا.. وليل كليل العاشق الكندي امرئ القيس، وليل كموج البحر أرخى سدوله.
مشاعر الخوف من العدو الغامض والمجهول الذي لا يمكن أن تراه، لكنه يفتك، وتخطى 144 دولة، ونشر الرعب والفزع، وجر وراءه مليارات الدولارات من الخسائر الاقتصادية، ودمّر شركات ومؤسسات واقتصاد دول، ومشاعر فخر واعتزاز لقيادتنا التي تعمل على حمايتنا، وتُباعد أزمات كورونا حتى لا يحدث بيننا بؤرة إصابة.
منع التجول كان القرار الحازم لعزل المجموعات والكثافة البشرية، وتجنيب الأشخاص والدول التي تعمل على نشر كورونا والأفعال المشينة في بلادنا. منع التجول من أجل حمايتنا حتى لا نقع تحت ضغط الحالات الإسعافية، ونغرق كما غرقت إيران وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا بالإصابات والجثث والكوارث الصحية.
كنا بحاجة من الناحية الصحية والأمنية إلى أن تضبط عواصم المناطق، وعددها (13) عاصمة، ومناطق مثل الرياض ومكة المكرمة عدد سكانها (16) مليون نسمة، كل منطقة (8) ملايين، ومناطق أخرى بها كثافة سكانية على مساحة كبيرة جدًّا (نحو مليونَيْ نسمة)، وعدد المقيمين (12) مليونًا، وهم من المجموعات المتحركة، تسافر وتتحرك وتتنقل كثيرًا داخل المدن وبين المحافظات. فقد تكون ناقلاً مثاليًّا للعدوى، وتنشره على مساحات واسعة.
نحن بحاجة إلى إعادة صياغة النمط والسلوك الاجتماعي المتعلق بالناحية الأمنية، أن يكون انضباطًا أمنيًّا بحزم وجدية في تنفيذ الأوامر، وإعادة بناء منظومة الكاميرات لمساندة الجهاز التنفيذي. وهو رسالة تصل إلى المواطن والمقيم للاستجابة للأوامر الأمنية، أيضًا هو فرصة لاختبار وفحص جاهزية الأجهزة الأمنية والرقابية في إدارة الأزمات، وسرعة تطبيق منع التجول، ومدى التقيد الفوري للأجهزة الأمنية والمواطن والمقيم، والالتزام الفعلي في تطبيق منع التجول.