(دفتر من أرق) ديوان شعر صادر عام 2013م عن «دار المفردات» للنشر والتوزيع بالرياض للشاعر الدكتور/ عبد الرحمن العتل.
ويقع هذا الديوان في 124 صفحة من القطع المتوسط, وتضمَّن مجموعة من القصائد المتنوعة في شكلها ما بين العمودي والتفعيلي, وفي مضمونها الذي تعددت أغراضه الشعرية؛ ليشمل الوطنيات والشعر الوجداني والإخوانيات والشعر الاجتماعي والسياسي وغيره. ويرتبط العتل - بوصفه شاعرًا من خلال ديوانه
هذا - بواقعه المحيط، ولا يخرج عنه؛ فهو لا يورد نصًّا في هذا الديوان إلا كان له علاقة مباشرة بحياته التي يعيشها؛ فهو - إذن - لا يصف ولا يقول إلا ما يشعر به؛ ولذلك كان شعره صورة صادقة، معبِّرة عما يختلج في نفسه، وما يدور في ذهنه عن حياته التي يعيشها، بكل ما فيها من تداعيات ومتناقضات، من سعادة وشقاء، أو فرح وحزن وألم.
فهو مُحبٍّ وفيٍّ لوطنه حين يتغنى بحبه وإخلاصه له كما قال في قصيدته «وطن»:
هذا التراب الذي بالحب خالطني
عمرا وأرضعني من صدره لبنا
حتى تنامت عروقي في مساربه
يدعونه يا لحسن ندائهم وطنا
(الديوان: ص65)
وفي قصيدته «الرياض» يقول أيضاً:
وجهُ الرياض كساه الغيمُ والمطرُ
فأصبحت بجلال الحسن تفتخر
ماست كحسناء في دلٍّ تحادثنا
أنا الرياضُ أنا التاريخُ والسيرُ
(الديوان: ص97)
وتتسع دائرة همه الداخلي لتتمدد خارج حدود الذات, وتكون أكثر اتساعًا بحجم جغرافيا الهم الإنساني المشترك؛ ليشمل تفاعل الشاعر مع قضايا العصر وحوادثه, وتأثره بقضايا الأمة التي تهم الرأي العام, كالقضية العربية الفلسطينية التي كانت - ولا تزال - منذ أمد بعيد هاجسًا يؤرق كل عربي ومسلم, غيور على دينه وأرضه وعرضه, وغيرها من القضايا الأخرى، كمأساة (الشعب السوري الشقيق) وأحداث (الربيع العربي).. فهو يقول ضمن قصيدة تحت عنوان «غزة رائحة الموت»:
لغزة هذا الفؤاد الصبورُ
وهذي النفوس التي تبذلُ
لغزة هذا البكاء الممضّ
وهذا الأنين الذي يُعْـوِلُ
لغزة رائحة الـثاكـلات
وبؤس اليتامى وقد أذهلـوا
(الديوان: ص64)
كما يقول أيضا ضمن قصيدة طويلة، تناولت أحداث (الربيع العربي):
طريقك أيها البطلُ
طويـلٌ كلـه وجلُ
فـحاذرْ مـن تقلُّـبه
ففـي طـياته الأجـلُ
تـهاوى في جوانبـه
ملوكٌ وانتهتْ دول
(الديوان: ص49)
لكن يظل (الجانب الإنساني) المحض، المتمثل في حب الشاعر لأطفاله وأهل بيته وأصدقائه، هو المسيطر على معظم قصائد الديوان. وأمثلة ذلك كثيرة ومتنوعة في الديوان, كما قال في ابنته لدى إصابتها بعارض صحي في عينيها من قصيدة طويلة:
بعينيّ لا عينيكِ يا فلذة الكبدِ
ويا ريح أمي ما أصابكِ من جهدِ
بعينيّ ما تبكين حزنا لأجله
بعينيّ ما تشكين من عاصف صلدِ
بعينيك لونٌ أحمرٌ متعرجٌ
أحـسّ به في القـلب وقدا على وقدِ
(الديوان: ص28)
أو كما قال واصفًا أولاده وهم يلعبون ذات مرة تحت غيمة ماطرة:
إنها فرحة المطرْ
تبعد الهمّ والضـجرْ
تملأُ النفس راحةً
تسعدُ القلـب والفكرْ
يلعب الصبيةُ الألى
أدركوا نعـمة الأثرْ
فغدا المـاءُ بيـنهـم
راقصًا يسحر البصرْ
رسـمـوا فيه لـوحـة
حـلوة تخلـب النظـرْ
(الديوان: ص25)
ولأصدقاء الشاعر نصيب وافر من اهتمامه وحبه وتقديره، طالما ترجمه شعرًا، يعبِّر عن هذا الحب، ويعكس وفاءه له، كتلك القصائد التي خص بها صديقه الدكتور/ أحمد آل مريع, وصديقه الدكتور/ عبد الرحمن السماعيل, وغيرهما ممن ربطت بينه وبينهم صلات قربى, كوالدته وأبنائه وبناته وزوجته.
** **
- حمد حميد الرشيدي