تَطاوَلَ ليلي واحْتَوتْني مَذاهِبُهْ
وغالَ دَراريهِ وغارَتْ كَواكِبُهْ
وأَرْخَى سُدولاً داجِياتٍ ظِلالُها
وعَطَّلَ أنْ تأْتي الصّباحَ رَكائِبُهْ
ألا أيُّها الّليْلُ الذي باتَ عاكِفاً
وشالَتْ زُباناها عليَّ عَقارِبُهْ
تَنَحَّ فَقَدْ أوْرَثْتَ هَمّاً وحِيرَةً
وجِئْتَ بِفَيْروسٍ تَوالَتْ عَجائِبُهْ
ودَمْدَمْتَ أرْكاناً تَعالَى شُموخُها
وهَدّمْتَ بُنْياناً تَعَلَّتْ مَناكِبُهْ
أتانا بِكُورونا من الصّينِ جائِحاً
وكَشَّرَ عنْ نابٍ وهاجَتْ عَناكِبُهْ
وعاثَ بِنا داءٌ وعمَّ انْتِشارُهُ
فصالَتْ بَهِ الدُّنْيا وماجت مَصائِبُهْ
تَغَلْغَلَ فينا واسْتَباحَ حَياتَنا
وعَطَّلَ أحْوالاً وبانَتْ نَوائِبُهْ
وأخَّرَ أعْراساً تَدانَتْ قُطوفُها
وأبْعَدَ خِلاًّ عنْ خَليلٍ يُلاعِبُهْ
وأَوْقَفَ مَنْ قَدْ كانَ لِلْبَيْتِ عاكِفاً
وفاضَتْ بِأفْعالِ التُّقاةِ تَرائِبُهْ
وأَقْفَلَ دُورَ العِلْمِ عنْ بَثِّ نُورِها
وأرْخَتْ عليْنا بالسّوادِ ذوائِبُهْ
ولَمْ يُبْقِ باباً لِلثّقافةِ مُشْرَعاً
وصاحَ بِلُقْياهُمْ نَذيرٌ وناعِبُهْ
نُدافِعُهُ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ وقُوَّةٍ
ونَخْشَى بِأنْ تَسْري إليْنا مَسارِبُهْ
نُتابِعُ مَسْراهُ وفي الحلْقِ غُصّةٌ
نَغُصُّ كما قدْ غَصَّ بالماءِ شارِبُهْ(1)
إليكَ إلهَ العَرْشِ لُذْنا بِضَعْفِنا
وليس لنا إلاّكَ مَلْجا يُحارِبُهْ
... ... ...
(1) غصّ بالماءِ شاربُه، هذا المعْنَى ورد في رسالةٍ لابن زيدون رحمه الله فقال (فلا غَرْو فقد يغُصُّ الماءَ شارِبُهُ) ولهذا أُنوّه بأنّ المعْنَى مُسْتعار.
** **
- عبدالقادر بن عبد الحي كمال