رمضان جريدي العنزي
الصين أدهشت العالم بتعاملها مع هذا الوباء، عملت بصمت بعيدًا عن الضجيج والتخويف والتهويل والمؤتمرات المتكررة، نجحت في السلوك والتعامل وفي الأداء، ضبطت مليارًا ونصف مليار بكل يسر وسهولة، أقاموا المستشفيات بسرعة هائلة، زودوها بالمعدات الطبية والأدوية والكوادر استقبلوا الحالات الطارئة والحرجة، وفي الوقت ذاته بحثوا عن إيجاد علاج ناجع لهذا المرض الطارئ، تعاون الشعب مع الحكومة، الكل تفهَّم خطورة المرض والتزم بالتعاليم والإرشادات دون أف ولا تبرم ولا برطمة، أغلقت المطارات والموانئ وتوقفت القطارات والسيارات والتزم السكان في منازلهم وأغلقوا الأبواب والنوافذ وحرموا على أنفسهم الخروج والتنزهة والتسوق. قسموا المدن إلى تجمعات وأحياء، كل حي له مسؤول مباشر، من لا يجد طعامًا يتصل برقم محدد ويأتية الطعام مجانًا دون أن يخرج أو يتعب. الكل التزم التعليمات والإرشادات وحبس نفسه وأهله، والكل أخذ ينصت للتعليمات ويطبقها بحذافيرها، الموظف، سائق التاكسي، الشوارع خالية إلا من المتطوعين الذين هبوا لنجدة المجتمع، أطباء وممرضون وباحثون، حتى الإعلام الصيني عمل كخلية نحل من أجل إنقاذ الناس من هذا الوباء وتوجيههم. لقد أظهر الصينيون سلوكًا محمودًا وراقيًا وحضاريًا في التعامل مع هذا المرض الطارئ، لقد خسرت الصين مئات المليارات من أجل تطويق هذه الكارثة وإزاحتها، وقد فعلت ذلك بنجاح بلا تهويل ولا بكاء ولا نواح. إن إدارة الأزمات يسمى فن وعلم، ولهذا تفوقت الصين في هذا المجال وفازت بالتحدي رغم الأهوال والمخاطر الكبيرة، لم يستسلموا لهذا الزائر الغريب المخيف، بل قاوموه حتى قضوا عليه بنسبة عالية وكبيرة ولا يزالون يطورون الأبحاث ويستحدثون المختبرات للقضاء علية واقتلاعه من جذوره. إن علينا كمجتمع ولكي ننجح كما نجحت الصين أن نطبق التعليمات الواردة إلينا من الجهات الحكومية بكل دقة وتمام دون تأفف أو تبرم أو مخالفة أو محاولة التفاف على التعليمات، علينا أن نحبس أنفسنا وأهلنا ونبتعد عن الاختلاط حتى تنجلي هذه الغمة بحول الله وقوته. لقد عملت حكومتنا الرشيدة كل ما تستطيع عمله وأكثر وما زالت تعمل من أجلنا ولصالحنا، ولم يتبق سوى تعاوننا معها وتكاتفنا من أجل العبور بسلام وعافية.