علي الصحن
مساء الاثنين الماضي كنتُ أتابع حوار معالي رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد مع برنامج (في الصورة) لقناة روتانا خليجية، الذي قال معاليه فيه: «يوجد لدينا قضايا تخص أندية، ومحالة من سمو وزير الرياضة، ونتابعها ونعالجها، وهي تتعلق بفساد مالي، سواء كان مصروفات في غير محلها، أو تبديدًا، أو استغلالاً للميزانيات. وهناك تعاون مباشر مع وزارة الرياضة».
الفساد في الرياضة موجود، مثلها مثل أي مجال آخر. وفي التاسع من نوفمبر 2017 كتبتُ في هذه الزاوية تحت عنوان «الرياضة.. ومكافحة الفساد»، وقلت فيه: «هل يوجد فساد وفاسدون في الرياضة؟ هل يوجد فساد في الأندية والاتحادات الرياضية؟ وما هو الفساد في الرياضة؟ وما صوره؟ وما طبيعته؟ أسئلة تتقاطع مع بعض، وربما تنتهي في سبيل واحد».
الفساد في أبسط تعريف له: أساليب خاطئة، يقوم بها فرد أو مجموعة أفراد من المجتمع من أجل تحقيق أهداف أو مصالح شخصية خاصة على حساب الجماعة. وفي كل التشريعات والأنظمة الفساد جريمة، وخروج عن القانون والأعراف، وفيه سوء استغلال للسلطة والمناصب.
الفساد في الرياضة ليس مرتبطًا بالفساد المالي فقط كما قد يتبادر للبعض بداية، بل هو أمر له ضروب وأبواب شتى: التحايل على الأنظمة والقوانين الرياضية فساد، التلاعب في العقود فساد، استخدام الرياضيين المنشطات فساد أيضًا، المراهنات فساد، التهاون من أجل مصالح منافس على حساب آخر فساد، الأخطاء التحكيمية المتعمدة فساد، التلاعب في نتائج المباريات فساد.
هنا أرى ضرورة تفعيل عمل الجمعيات العمومية في الأندية، وفق الصلاحيات المحددة لها في اللوائح والأنظمة المشرعة لعملها وعمل إدارات الأندية، وأن يتم إعداد قوائم مالية في فترات دورية، توضح الموقف المالي للنادي من أجل ضبط المصروفات، وضمان السيطرة على الديون قبل تضخمها. كما أن تعزيز المبادئ المالية في الأندية من شأنه أن يكون عونًا على القضاء على أي فساد محتمل في الأندية الرياضية. ومن نافلة القول إن أي غموض في القوائم المالية سيكون بابًا واسعًا للفساد، واستغلال مقدرات النادي، والتلاعب بها في سبيل تحقيق مصالح ومكاسب شخصية.
تضمنت الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد أن على الأجهزة المعنية ممارسة اختصاصاتها، وتطبيق الأنظمة المتعلقة بذلك عن طريق: (العمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه وفقًا للأنظمة - سرعة البت في قضايا الفساد - العمل بمبدأ التعويض لمن تضار حقوقهم ومصالحهم من جراء الفساد بعد ثبوت ذلك... إلخ). وهنا أعتقد أن وزارة الرياضة لن تدخر جهدًا في هذا الشأن، ولن تجامل شخصًا على حساب آخر، وأنها لن تقبل بتمرير أي أخطاء تؤثر على عمل المنظومة الرياضية، أيًّا كان النادي، وأيًّا كان المخطئ؛ ولا أدل في هذا الشأن من حديث معالي رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وتأكيده وجود قضايا محالة من سمو وزير الرياضة.
الفساد في الرياضة وصل إلى سلطة كرة القدم الأعلى في العالم (فيفا)، والعقوبات لم تجامل ذا منصب ولا تاريخ ولا جاه؛ يكفي أنها طالت رئيس المنظمة جوزيف بلاتر، والنجم الفرنسي ميشال بلاتيني، فضلاً عن إيقافات وغرامات وإعفاءات وتعليق أنشطة، طالت الكثير من منسوبي فيفا وذوي المصالح معه. والجميع يأمل هنا، وفي كل مكان، برياضة نقية خالية من الشبهات، ونظيفة من الفساد مهما كان حجمه.
بالتوفيق للجميع.