تناقلت وسائل الإعلام آلاف الأخبار عن إصابة العالم بفايروس كورونا كوفيد 19، ضجيج مدوي، إحصاءات متسارعة، استنفار دولي... أحداث ستنجلي - بإذن الله تعالى - وستزول الغمة ويغادر المرض وسيسطر التاريخ هذا الحدث الجلل.
ولكن قبل أن تنجلي علينا أن نقف أمام الدرس المستفاد مما يحدث في دقائق صمت وتأمل أمام عجز العالم في مواجهة هذا الفايروس الصغير، الذي لا يُرى بالعين المجردة.. فجميع أجهزة الدنيا توقفت حائرة؛ إذ إن العلاج لا يكمن إلا في قوة المناعة التي يمنحها الله للإنسان. والغريب أن هذا الفايروس لم يجتح إلا أجساد البشر لا يصيب طيرًا ولا شجرًا، بل اخترق صدورهم التي امتلأت بالضغائن والأحقاد في الغلاف الذي يغشى قلوبهم المستترة خلف غياهب الخير والشر. إنه كورونا المرض الغامض الذي حمل لنا سلسلة من الرسائل الإلهية الموجهة لبني البشر.. على المستويين الخاص والعام؛ تحمل كل رسالة منها درساً عميقاً يستوقف الطغاة والجبابرة على هذه الأرض، ويهز عرش الغافلين بدروس عظيمة.
كان الدرس الأول منها: تذكر أنك مخلوق من مخلوقات الله مثل هذا الفايروس الدقيق فوجودك منحة من الله ونهايتك بيد الله... فلا تتمرد.
الدرس الثاني: طهر قلبك من الشوائب، فالطهارة طهارة الباطن، واعتماد الوقاية منه على طهارة اليدين وغسل الوجه له دلالات عظيمه تؤكد أن الطهارة انعكاس الظاهر على الباطن والعكس صحيح.
الدرس الثالث: اعتزل ما يؤذيك واغتنمها فرصة لتجديد الفكر وتنقية النفس بالجلوس أمام مرآة صادقة تسترجع فيها ما لك وما عليك.
والدرس الرابع: اعلم أن لا نجاة ولا وقايه إلا بذكر الله والخضوع له عز وجل والتوبة من كل ذنب.
أما على المستوى الدولي فالدروس أعظم.. فقد تصارع العالم في الآونة الأخيرة بشكل مخيف، واليوم يقف الجميع مكتوف اليدين، فلم ينقذهم اقتصادهم ولا مدنيتهم المزيفة الخالية من القيم، فالملك اليوم لله الواحد القهار رسالة تذكرة بيوم تشخص فيه الأبصار ليتنبه الجميع ويدرك العالم حقيقة الدنيا ويستبدلوا الصراع بالحوار، والاختلاف بالائتلاف والجبروت بالرحمة.
فأي مرض أنت ياكورونا وبأي رسالة أتيت؟! إنها رسالة السماء لأهل الأرض. إنه إنذار المنذر الجبار لمن حاد عن طريق الحق وجار.
فهل من مستمع؟! وهل من مجيب؟.