د. محمد بن إبراهيم الملحم
تحدثت المقالة السابقة عن «منظومة التعليم الموحدة» منصة التعلم الإلكتروني التي أطلقتها الوزارة مشكورة ورابطها (http://vschool.sa) والتي يدخل من خلالها الطالب إلى الفصل الافتراضي، حيث أستاذه يقوم بالتدريس كما يقوم به في الصف بالمدرسة لتكون هذه مدرسة افتراضية تقوم مقام المدرسة الاعتيادية فيما يخص التدريس في هذه الفترة العصيبة من إيقاف الدراسة ولزوم الناس بيوتهم بسبب فيروس كورونا المستجد رقم 2، وكنت ذكرت إنها حين كتابتي لم تكن تعمل، ولذا يممت وجهي شطر قناة «عين» والتي نشطت كثيراً كتعويض عن تأخر عمل المنصة، ولقد وعدتكم بالحديث اليوم عن القناة بيد أن تأخر عمل المنظومة عن كثير من الطلاب ألجأني إلى أن أؤجل ذلك وأتحدث عن هذا الموضوع.. فبالرغم من أن المنظومة لها مدة منذ أنشئت فإن تفعيلها استغرق أكثر مما ينبغي في الواقع وخاصة في هذا الوقت العصيب، حيث الطلاب ماكثون في المنازل بانتظار الدروس، ولكن فجأة يجدون أنفسهم فيما يشبه الإجازة، وليواجه الآباء معضلة مع أبنائهم خاصة المراهقين منهم والذين غالباً يعطون أنفسهم إجازة بحجة عدم عمل النظام! وهذا يجعل البيوت في أزمة نحو ضبط الأبناء والبنات في المنازل ويصيبهم الإحباط نحو تراجع همتهم عن العلم وتحصيله، خاصة أننا نعلم جميعاً أن الطالب الذي يبادر بنفسه ولا يحتاج إلى تشجيع أو أن يكون في سياق جماعي يقوم بالعمل معه هو من فئة قليلة جدا في عالمنا اليوم.
في المقابل نشطت المدارس الأهلية باستخدام أنظمة تعلم تجارية متاحة أو مجانية (مثل برنامج سكايب Skype أو زووم Zoom أو ويبكس Webex مثلاً)، بل إن بعضهم استخدموا أيضاً تطبيق الواتس آب Whatsap المشهور بسبب انتشاره لدى كل شخص تقريباً، وفعّلوه بطريقة إبداعية جميلة، وهذا النشاط محمود ويشكرون عليه خاصة أنهم تمكنوا من إشغال طلابهم بالتعلم من خلال هذه البدائل، وبالتالي لم يشعر الطالب أو الطالبة بالانفصال التام عن المنهج وتواصلت علاقته مع الدرس والتحصيل، ومع ذلك وبسبب احتياج بعض هذه البدائل إلى تواجد الوالدين أو أحدهما بجوار الطالب (الطفل) لمساعدته في الوصول إلى الإيميل مثلاً أو تفعيل أو تحميل تطبيق معين يطلبه المعلم أثناء التدريس فإن ذلك أشغل الوالدين وشكوا منه خاصة إن بعضهم لا يزال على الدوام حسب طبيعة عمله مما أشغلهم عن أداء واجبات عملهم، وبدون شك هذه نتيجة طبيعية لاستخدام البدائل كونها ليست نظاماً واحداً متكاملا يجد فيه المعلم والطالب كل ما تتطلبه عملية التدريس والتعلم، وفي هذا الشأن لعلي أهمس في آذان المدارس الأهلية قائلاً: رويدكم على أولياء أمور الطلاب، وقدموا لهم المعلومات المطلوبة من الطالب لدرس يوم الغد في اليوم الذي قبله ليستعد الآباء ويختصروا الزمن ما أمكن في مساعدتهم لأطفالهم للوصول إلى ما يراد الوصول إليه.. كما أنصح أيضاً بتقديم مواد تعليمية للآباء والأمهات حول ما يتوقع منهم لمساعدة أبنائهم وبناتهم فيكون فيها شرح كافٍ وتوضيح شافٍ للمهارات والموارد المطلوبة.
ومع أن هذا الأسلوب تبدت فيه هذه السلبية اليسيرة إلا أنها قابلة للتجاوز بسهولة ويسر من خلال حسن التخطيط التدريسي المبكر وتقديم المعلومة للوالدين كما أسلفت مع اختيار أسهل التطبيقات وأيسرها، ولهذا السبب فإني أدعو الوزارة أيضاً أن تختار إحدى هذه التجارب الناجحة لدى المدارس الأهلية (وأسهلها من وجهة نظري: الواتس آب) وتعممها على المدارس فوراً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى من الفصل الدراسي بحيث تكون هذه خطة بديلة في حال تعذر عمل المنظومة كلياً أو حتى جزئياً، فمن عملت معه من المدارس (أو المعلمين) يستخدمها، ومن لم تعمل معهم يلجؤون إلى الطريقة البديلة التي عممتها الوزارة، وسبب مطالبتي بتعميم الوزارة.. شيء ما أن هناك فئة لا بأس بها من الناس لا تلجأ إلى الحلول البديلة من ذاتها (كأن تستخدم مدرسة حكومية مثلاً برنامج سكايب أو زووم أو حتى واتس آب) ولكنها تتعلق بما يأتي من الوزارة فقط وتخشى أي تصرف آخر.
إجراء آخر أرجو أن تبادر إليه وزارتنا العزيزة، وهو أن تقوم باختصار المناهج بحذف الموضوعات ذات الأهمية الأقل أو التي سبق تقديمها في سنوات دراسية سابقة (حسب نظرية المنهج اللولبي التي تتبناها مناهجنا) وذلك تعويضاً عن خسارة زمن الفصل الدراسي التي نشأت، وهذا مطلب مقبول في ظل ما نعلمه عن حجم موضوعات مقرراتنا الكثير جداً والذي ينبغي في الأصل اختصاره ليتمكن المعلم من اتباع طرائق تدريس إبداعية تقوم على الحوار والمناقشة والاستنتاج والتعليل بدلاً من أسلوب الإلقاء التقليدي الذي يضطر إليه 90 بالمائة من معلمينا بسبب ضخامة حجم المناهج خاصة في التخصصات العلمية واللغة.. نتطلع إلى أن نرى منظومتنا الجميلة تعمل بكفاءة وبكامل طاقتها، فهي فخر لنا بدن شك.