فهد بن جليد
المُجاملة على حساب صحة الإنسان والمجتمع غير مقبولة إطلاقاً، وفي الظرف الذي نمرُّ به جميعاً أعتقد أنَّها خطأ كبير وجريمة في حق النفس والآخرين، فلا مجال للتصرفات العفوية والعاطفية بالاختلاط بالغير تحت أي مُبرِّرٍ كان، ولا سيما أنَّ الجميع على مسافة واحدة من خطر الإصابة بالفيروس أو نقل العدوى للآخرين، فلا حصانة عمرية ولا مكانة مجتمعية لأحد، ولا يجب أن تُنسينا العاطفة لمُلامسة (أطفالنا وآبائنا) أنَّ ذلك قد يُهدِّد صحتهم عندما نكون مُخالطين للغير بسبب عمل أو تسوّق أو نحوه، علينا جميعاً مُراجعة سلوكياتنا وتصرفاتنا الشخصية في هذا الباب الآن، في ظل وجد صورتين مُتناقضتين لفهم (التباعد الاجتماعي) المطلوب الالتزام به كضرورة حياتية في (زمن كورونا).
لدينا فريق يتذمّر نفسياً من كل التعليمات والإرشادات الاحترازية المطلوب اتباعها (للتباعد الاجتماعي) والعزلة المنزلية لمنع مُخالطة الآخرين، فتجده يتحسَّر على انقطاع الزيارات الأسرية والعائلية ولقاء الأقارب والأصدقاء، حتى لو لم يكن إنساناً مُحافظاً على صلة الأرحام والتواصل الاجتماعي مع الآخرين وحضور المُناسبات والقيام بواجبات (التقارب الاجتماعي)، مثله في ذلك مثل من يتحدث عن غياب الروحانية عقب إيقاف إقامة صلاة الجماعة في المساجد للضرورة رغم أنَّه لا يُحافظ عليها أصلاً، أن ننشد الصورة المثالية والجميلة في علاقاتنا المجتمعية هذا أمر حسن وجميل، شريطة عدم الاستشراف والمزايدة المجتمعية في هذا الظرف الاستثنائي الذي يتطلب من الجميع التكاتف والتماسك واتباع التعليمات والإرشادات اللازمة بكل عناية واهتمام.
يُقابل ذلك فريق مُعاكس بإفراطه في فهم (التباعد الاجتماعي) بالتخوّف والتحسُّس من كل شيء، مثل هؤلاء تجدهم يطرحون أسئلة حول المسافة اللازمة بين جلوس الأب وأطفاله الصغار داخل منزلهم أو في غرفة المعيشة، وكيف ينام الأزواج مُتباعدين، وهل يجب أن يعزل كل إنسان نفسه في غرفة مُستقلة؟ إلى آخر ذلك من الأسئلة التي لا يمكن تصوّرها ولا تدخل أو تتماهى مع المفهوم العام (للتباعد الاجتماعي) الذي يُقصد به حماية النفس بعدم مُخالطة الآخرين خارج المنزل، إنَّ التزام كافة أفراد المجتمع بالإجراءات الوقائية وفهم هذا المعنى بالبقاء في المنزل وعدم المُخالطة، والحفاظ على الاحترازات والإرشادات الصحية بالنظافة والسكينة، والثقة في الأجهزة الصحية واتباع تعليماتها سيحقق الهدف والسلامة دون إفراط أو التفريط، وهذا هو التحدي الأكبر.
وعلى دروب الخير نلتقي.