الهادي التليلي
ليس الترفيه أبداً فائضاً عن حاجة المجتمعات، بل هو من صميم أسس وجودها.. وليس الترفيه نزوة مرتهنة بوضع ما أو سليلة حاجة مؤقتة، إنه من صميم ما ينحت كيان الإنسان، لذلك كانت حكومة الجبهة الشعبية في فرنسا 1936مبادرة في تشكيل أول كيان ترفيهي من خلال تبني الترفيه كهيكل وككيان وتلتها كندا بتأسيس أول وزارة للترفيه في العالم الترفيه هو من جوهر وجود الإنسان ومكون من مكوناته لأن الترفيه ليس مجرد ممارسة مجتمعية بقدر ما هو جزء من نمط عيش المجموعة البشرية.
وإذا كان الترفيه في وقت الاستقرار والسلم ضرورة ملحة سواء من خلال الأنشطة والممارسات خارج أوقات العمل أو داخله فإن الممارسات الترفيهية والبرامج التنشيطية في أوقات غير العادية كالحرب والجوائح ومنها هذه اللحظة التاريخية الفارقة تعد أكثر ضرورة وكخبير في مجال الترفيه أرى أن الترفيه في هذا الوقت بالذات وأعني زمن الكورونا أكثر إلحاحاً خاصة وأن الذين هم في الحجر الصحي أكثر حاجة للترفيه لأنهم يعيشون فراغاً مقيتاً قد تكون آثاره مأساوية سواء على صحة المريض وديمومة شفائه أو حتى بعد شفائه، حيث يشفى من الكورونا ويصبح مصاباً بأمراض نفسية قد تكون أشد خطورة من الكورونا ولعل أدبيات جيل المشاركين في حرب الفياتنام من الأمريكان وما عاناه الجنود من ويلات الأمراض النفسية نتيجة غياب التأهيل وانسداد أفق الترفيه وهيمنة الفراغ عليهم أفرز كثيراً من الويلات عكستها أفلام هوليوت التي نبهت إلى دور خطير إيجابيا للترفيه.
وما أراه هو أن خطة سريعة للترفيه وقابلة للترفيه مسألة ملحة وتدخل في مجال الأمن الوطني لأنها تمس سلامة الإنسان وحرمته النفسية جيش كامل من رجالات الترفيه متوفرون ووسائل تقنية غاية في التطور متوفرة والحمد لله فما الذي يعوزنا لتقديم خدمة مهمة وواجب تجاه المواطنين داخل وخارج المملكة لأن هناك حرباً ضد الكورونا وحربا أخرى ضد الفراغ والقلق اللذين لو اشتغلنا على محاربتهما وتقوية إرادة الإنسان السليم والسقيم وعلى الذي في لحظة شك بينهما نكون قد أدينا واجبنا كرجالات ترفيه أمامنا واجب وطني ومعركة وجود لا يمكن التخاذل عنها.
قلتها وأقولها الحرب ضد كورونا ليست معركة وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية فقط، وبل وليست أيضاً معركة الجهات الأمنية والاجتماعية فقط إنها أيضا معركة رجال الترفيه وجنوده لقتل الخوف وبث ثقافة الفرح والأمل لدى الشعوب.
فمن المفروض أن تكون قنوات ترفيهية خاصة بالتواصل الذاتي مع المصابين والذين في الحجر وبرامج ترفيهية عن بعد بحضور نجوم العالم باستغلال منصات تواصلية حديثة وعن بعد يحسسهم أنهم ليسوا عالة على العالم ومرضا تعاني منه البشرية بل مواطنين يفكر المجتمع فيهم وتهمه مصلحتهم.. فالترفيه ليس حاجة عابرة هو جزء من معنى حياة الإنسان.
** **
- خبير في مجال الثقافة والترفيه