منذ اللحظات الأولى لتفشي وباء العصر، كورونا (كوفيد 19) في الصين، اتخذت جميع الأجهزة الحكومية السعودية وبكل حزم، كافة التدابير الاحترازية في مكافحة هذا الوباء الذي فتك وما زال يفتك في أغلب دول العالم، وكانت المملكة من أكثر الدول التي اتخذت الاحتياطات الوقائية والجادة في مكافحته، رغم الظروف الصعبة التي واجهتها، في معرفة وجهة بعض المسافرين القادمين من بعض البلدان الموبوءة، كإيران، رغم قرار المنع لهذه الدولة، التي كانت وما زالت تخالف وتخترق القوانين والأنظمة الدولية، وكانت تسهِّل للقادمين إليها من دول الخليج وخصوصاً السعودية، في عدم توثيق دخولهم لأراضيها، لأسباب غير واضحة تثير الشك، فمع انتشار هذا الوباء كانت إيران تتكتم عن الحالات المصابة لديها بهذا المرض، حتى فقدت السيطرة على احتوائه والحد من انتشاره، حتى وصل الأمر إلى إصابة بعض المسؤولين والزائرين لها.
فلا تزال المملكة تمد يدها الحانية إلى أبنائها، للمحافظة على أرواحهم، بمن فيهم غير المبالين أو المخالفين للأنظمة، التي وضعت بالأساس لخدمتهم وللمحافظة على أرواحهم ولحفظ حقوقهم سواء داخل المملكة أو خارجها، وعلى الرغم من هذه التجاوزات تم إعفاء جميع المواطنين الذين أفصحوا عن زيارتهم لإيران أو القادمين منها، من أي مساءلة قانونية، لتثبت الدولة فعلياً، أن حياة الإنسان هي الأساس.
سخَّرت المملكة كل الجهود لمكافحة هذا الوباء على الصعيد المحلي والدولي، في أخذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من تفشيه، فبادرت وزارة التعليم بتعليق الدراسة، لأجل غير مسمى، ووفرت البدائل التعليمية المتاحة، كالمدارس الافتراضية والتعليم عن بعد، لضمان استمرارية العملية التعليمية بكل فاعلية وأمان والحفاظ على أرواح أبنائها.
وتستمر الجهود الجبارة التي تبذلها وزارة الصحة في أخذ الاحتياطات الجادة للحد من انتشاره، وتسخير كافة الإمكانيات المتاحة، بأقصى طاقتها، واستخدام العزل في مراكز أعدتها مسبقاً وكذلك العزل المنزلي الذي أثبت فعاليته، والتنسيق مع بعض الدول التي توجد بها حالات إصابة لمواطنين سعوديين، كما اتخذت بعض الإجراءات الاحترازية المشددة في جميع مطاراتها الدولية، والمسافرين القادمين من الخارج، وتجهيز مراكز طبية ومراكز للعزل المؤقت، مدعومة بفرق طبية متخصصة للكشف الطبي عبر كاميرات حرارية للتأكد من سلامتهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحالات التي يشتبه بها، سواء بنقلهم لمراكز العزل المؤقت، أو مراكز الحجر الصحي، لتلقي العلاج اللازم.
وفي المقابل، حرصت المملكة على تطبيق احترازات على المسافرين من أرضها إلى وجهات أخرى ضمن إجراءاتها للتعاون الدولي في مكافحة الفيروس، حيث فرضت على جميع خطوط الطيران العاملة بها بالتعاون، للمساعدة في الكشف عن أي حالات اشتباه على المسافرين المغادرين لأراضي المملكة، قبل ركوبهم الطائرة.
كما أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودية، عزل جميع العملات المحلية الواردة لفروع المؤسسة، من خارج المملكة عن طريق البنوك وشركات نقل الأموال، كإجراء وقائي واحترازي، ودعت المؤسسة إلى اتباع تدابير النظافة الشخصية في التعامل مع جميع العملات باختلاف أنواعها، حيث من المرجح انتقال العدوى عن طريق تداول العملات الورقية أو المعدنية، وفي هذه الحالة تكون أجهزة الدفع الإلكتروني هي الأكثر أمانًا.
وقد أشادت الدول الإسلامية بما اتخذته المملكة من إجراءات في إيقاف تأشيرات العمرة والزيارة للحرمين الشريفين مؤقتاً حفاظاً على أرواح المسلمين، في شتى بقاع العالم، وكذلك التأشيرات السياحية غير مبالية بمردودها الاقتصادي.
ولا تزال هذه الإجراءات، تأخذ منحى إيجابياً، في ظل تفشي هذا الوباء، وتصاعده حول العالم، تثبت أن تعامل المملكة، بكل حزم وقوة لمكافحة انتشار هذا الوباء القاتل بأنه قرار صحيح، إذ تسجل السعودية أقل نسبة إصابة ولله الحمد، مقارنة ببعض الدول المتقدِّمة، التي لديها إمكانيات اقتصادية وخبرات طبية أكبر وأكثر، فنسأل الله تعالى أن يحمي المملكة العربية السعودية والدول الإسلامية والعربية والعالم أجمع من شر هذا المرض.