م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- هل المجتمع هو الذي يصنع الثقافة.. أم أن الثقافة هي التي تصنع المجتمع؟ هناك من يرى أن هذا السؤال جدلي بيزنطي.. فهو أشبه بسؤال البيضة والدجاجة وأيهما أتى أولاً.. والحقيقة أن الإجابة عن السؤال هي التي سوف تحدد اتجاه العلاج وفق رؤية ومنهجية واضحة.
2- من المنطقي أن المجتمع سبق الثقافة في الوجود وبالتالي فهو حتماً الذي يصنع الثقافة.. وهذا يثير سؤالاً أصعب: لماذا ارتهن المجتمع للثقافة التي صنعها وهو يعلم أنها تعيقه! لماذا يقدِّس ثقافة هو ذاته الذي أنتجها؟
3- الثقافة ترتبط بحياة المجتمعات.. بوعيهم بالحياة، وقراءتهم للواقع، وتأويلهم للأحداث، وممارساتهم اليومية في حياتهم المعتادة.. هنا تكمن خطورة الثقافة التي ينتجها الإنسان ثم تحوله إلى أسير لها تتحكم فيه وتوجهه.. مع علمه أنها لم تعد تصلح لواقعه اليوم.
4- هل يمكن أن نسمي الخطاب الذي يدعو إلى الإقصاء والكراهية خطاباً ثقافياً صحيحاً؟ وإذا عرفنا أنه لا يقاوم الثقافة إلا الثقافة فكيف نقاوم تلك الثقافة التي أقل ما يمكننا وصفها به أنها غير مناسبة لمرحلتنا.. كيف ننشط ثقافة المقاومة لعلاج المفاهيم والقيم والمعاني.. والخروج من تبعية الثقافة التي تنظر إلى الخلف إلى فضاء الثقافة التي تنظر إلى المستقبل؟
5- الأكيد أنه حينما يشرب الإسلامي مع الليبرالي والطائفي والقومي والعلماني والقبلي والمناطقي من ذات الإناء الذي يرسخ التطرف والعنصرية والإقصاء.. فحتماً سيتشابهون في ذات الصفات العدائية.. فيعز عليهم التعايش وهذا الذي يخرق السفينة.
6- من هنا كيف سيكون علاج الثقافة السائدة؟ فهذا سؤال يحتاج إلى جواب وقرار.. هل يكون من خلال تفكيك خطابها، أم بالدعوة لاجتثاثها؟ وإن جنحنا نحو الاجتثاث حينها ستكون الثقافة الجديدة ثقافة إقصاء هي الأخرى.. فهل هذا ما نريده لثقافتنا الجديدة؟
7- الأكيد أننا نريد ثقافتنا الجديدة عالمية اللغة.. متنوِّعة الأشكال.. مفتوحة المجال.. متعدِّدة المصادر.. مستقبلية النظرة.. نعرف موقعها في الكون بلا تواضع أو غرور.. لا تتوقف عن النمو.. هدفها التقدم.. وغايتها الرفاه للمجتمع.. وأكبر قيمها حقوق الإنسان وكرامته.
8- بقي السؤال الختامي: كم يستغرق المجتمع لصناعة ثقافة جديدة له؟ هل يحتاج إلى جيل أم أقل من ذلك؟