د. خيرية السقاف
«كوفيد-19»..
وبدأنا تجربة جديدة مفاجئة، مُغيِّرة، كدوامة استدارت فأخذت بكثير من سلوك اعتاده الناس في حياتهم الشخصية، والاجتماعية، بل الفكرية..
ونوازلٌ كهذا الوباء في الواقع ما تعودنا عليها، إلا أن نجدها في الأفلام السينمائية،
وحين ينتهي الفلم نتجاذب الحديث عنه، عن فكرته، عن أبعاده في المنظور، والرؤية،
في انبعاثات النفس البشرية، في أفكار المخيلات،
ومنها ما يستلهم ماضياً في تاريخ بيئات، ومجتمعات كُتَّابه،
ومنها ما يستشرفونه في مستقبل توقعاتهم..
لم نعش في حالة طارئة كالتي نمر بها الآن، فقد دأبت حياتنا تمضي كما نمضي في هدوء،
لا يُشكاله سوى إنسان هو من يسالم، ومن يشاغب، من يحلم، ومن يقفز، من يستقيم، ومن يتعثَّر..
تضبطنا قوانين، وتردعنا محاذير، وتلهمنا طموحات، وتمنحنا نتائج..
نعلو ونهبط، نَغْنى ونفقر، ننام، ونسهر، نقرأ، ونكتب، نتذكر، ونسهو..و..و..
ونمارس في مرحلتنا الراهنة قفزاً على كل عثرة، ونصلح أية ثغرة، ونتطلع لأعلى الكفايات، ونصحح أخطاءنا، ونجدِّد بلى، ونلم تشظياً، ونجمع شملنا، ونلهم بعضنا،
نقطف في الصبح قبساً من ضوء شمسه، ونستنير في الليل بنور مسرى قمره..
وجاء «كوفيد-19»
«كورونا» القاتل المتوحِّش، الفاتك بصمت، المتسلِّل بلا طَرْق..
لا باب يُقرع، ولا نافذة تُوارب، ولا همس يُحدث..
وإنما على حين غرة ينزل بالرئات، ويفتك بالصدور كمارد حطَّ من علٍ في ليل مدلهم..
لكننا ونحن في معية مناطق العالم التي اجتاحها يمر بنا..
فاجتمع شملنا، وأبينا معه إلا أن نكون حزمة في كف الوطن من الأب القائد، إلى الرضيع والناشئ الغر..
ولسوف لن يتمادى فينا،
وإنما ستمنحنا التجربة معه الكثير من الجديد فينا، فكراً، وثقافةً، وسلوكاً، وممارسةَ حياة..
* * *
أعتذر لقرائي الأعزاء الذين غبت عنهم الأيام الماضية دون إرادة..
الذين تفقدوا غيابي عن وسائل الاتصال المختلفة..
الذين ينتظرونني كما أحرص عليهم..
أعتذر لأبي بشار الزميل الراقي خالد المالك..
أعتذر عن غياب لم يكن لي فيه حيلة، وليس عنه بد..
ربما لأزداد شوقاً للحبر وهو سقياي،
ولرسم الكلمة وهي دخيلتي..
ولكم رفقاء العمر وأنتم حُداتها..