إبراهيم بن سعد الماجد
من المحن تأتي المنح، ومن الأزمات تتولد الأفكار، والمجتمع الذي لا يستفيد من أزماته، مجتمع غير مسؤول، ليس حريّاً به أن يتقدم، ولا أن يطور نفسه.
مرت على بلادنا أزمات مختلفة، كانت الأفكار حاضرة، فولدت مشروعات خيرية، واستثمارية امتد أثرها. واليوم ونحن نعيش جائحة فيروس كورونا، هذا الوباء الذي عم الكرة الأرضية، بكافة عوالمها، الفقيرة والغنية، المتقدمة والمتأخرة، فكان الداء متساوياً، والعلاج كذلك، لكن لغة الساسة في التعامل مع هذه الجائحة، كانت مختلفة جذرياً، فأحدهم يبشرهم بفقد بعض أفراد أسرتهم، وآخر ينذر بكارثة لا قبل لهم بها، بينما هنا في المملكة العربية السعودية يظهر ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين ويقول بعبارة مختصرة من كتاب الله سبحانه وتعالى، كلها تفاؤل (إن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً). حقيقة إيمانية تعمر قلوبنا كشعب سعودي، وكل مسلم على وجه الأرض، يؤكده ولي الأمر، وهو الواقف على الأوضاع، المطلع على حال العالم من حولنا، وكأنه بل إنه يتبع المنهج النبوي الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام: (في سنن ابن ماجه ومسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة. وفي رواية: يحب الفال الحسن. قال الحافظ ابن حجر: ... وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال)
وتفاؤل خادم الحرمين الشريفين ورد في الحديث النبوي، أن الله سبحانه وتعالى عند ظن عبده به، (روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللهُ عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ).
نعود لعنوان هذه المقالة وهو -صندوق الجائحة- والذي أريد من خلاله دعوة الجهات المالية في وطننا لإطلاق صندوق خيري استثماري كبير، يُعنى بدعم المشروعات البحثية المتعلقة بالأوبئة المختلفة، من أجل أن يكون لدينا مراكز أبحاث متقدمة.. مراكز غير حكومية، تعتمد على خبرات أبناء هذا البلد وغيرهم من العلماء الذين يريدون البحث، لكن ينقصهم البنية التحتية التي تعينهم على أداء بحوثهم بالشكل الأكمل.
أعرف أن هناك العديد من مراكز البحوث، لكنني أعرف أن العديد من الباحثين لا يستطيعون الوصول إليها لأسباب عديدة، كما أنني متأكد بحاجتنا إلى المزيد من مراكز البحوث، ومعامل المختبرات العلمية المتقدمة، وهذه بلا شك تحتاج إلى ميزانيات كبيرة.
صندوق الجائحة الذي أتمنى أن يُطلق وتحت إشراف مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد -حفظه الله- لا أشك أن سيلقى دعماً مالياً ضخماً من مؤسساتنا المالية وشركاتنا التجارية المختلفة، كما أنه سيلقى ترحيباً وتعاوناً علمياً من كافة أنحاء العالم.
الظرف والمكان عاملان مهمان لنجاح هذه الفكرة، وصاحب السمو الملكي ولي العهد اسم جاذب لنجاح أيّ مشروع علمي عالمي الهدف والفائدة. ولعل مسمى هذا المشروع يكون بعد انطلاق هذا الصندوق (مشروع الأمير محمد بن سلمان العالمي للأبحاث العلمية والطبية). نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ بلادنا وقيادتنا وأمتنا من كل سوء، وأن يرفع عن البشرية جمعاً هذا الوباء.
والحمد لله رب العالمين،،،