بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- صدرت منذ الأيام الأولى القرارات الإجرائية الاحترازية والوقائية لمكافحة «فيروس كورونا»، التي لا تهاون ولا تراخي بها، وهو شعار هذا البلد عند الشدائد، ومع هذا كله ينظر للآثار والتداعيات للأحداث، ويعالجها بروية وحكمة؛ فقد أعدّت الحكومة مبادرات عاجلة لمساندة القطاع الخاص، خاصةً المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والأنشطة الاقتصادية الأكثر تأثرًا بتبعات هذا الوباء؛ إذ تصل المساعدة إلى قيمة تتجاوز 120 مليار ريال، وتتمثل في إعفاءات وتأجيل بعض المستحقات الحكومية لتوفير سيولة على القطاع الخاص.
إن تلكم الإجراءات والخطوات جاءت بعد الخطوات الاستباقية المهمة والمتعددة التي جاءت بشكل تدريجي سلس متوكلة على الله سبحانه وتعالى في كل خطوة تخطوها، وانطلاقًا من قوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة}، وهو منهج شرعي يحقق المصلحة، والأنبياء تسلحوا بالتوكل على الله تعالى في كل نائبة أصابتهم، ورسولنا -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- حقق من التوكل أعلى منازله، ووثق بربه سبحانه في أعسر مواقفه، فلم يتزعزع إيمانه، ولم يهتز يقينه، وكان التوكل على الله تعالى سلاحه؛ فعندما وقف المشركون على الغار يطلبونه؛ حتى خشي أبو بكر على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «لو أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا»؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما ظَنُّكَ يا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا» متفق عليه.
إنه يقين تام بالله تعالى، وتوكل بالغ، وطمأنينة وسكينة، ونبذ لكل الأسباب إلا سبب الله تعالى.
وها هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - متعه الله بالصحة والعافية - يخاطب شعبه الوفي بإيمان صادق، وبكل صراحة ووضوح مع التوكل على الله سبحانه وتعالى:
«إن المرحلة المقبلة ستكون أكثر صعوبة على المستوى العالمي لمواجهة هذا الانتشار السريع لهذه الجائحة»، ويقدِّم في الوقت نفسه اثنتَي عشرة وصية واضحة للمواطن والمقيم على أرض المملكة العربية السعودية.
وهذه التوصيات جاءت على النحو الآتي:
1 - المرحلة ستمرُّ وتمضي رغم قسوتها ومرارتها وصعوبتها، ونثق بأجهزة الدولة لمكافحتها.
2 - ستتحول هذه الأزمة إلى تاريخ يثبت مواجهة الإنسان واحدة من الشدائد التي تمرُّ بها البشرية.
3 - المملكة مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذه الجائحة، والحد من آثارها.
4 - نثق بإمكانيات الدولة وعزيمة الشعب القوية في مواجهة الشدائد.
5 - أظهر الشعب قوة وثباتًا وبلاءً حسنًا، ومواجهة مشرفة لهذه المرحلة الصعبة.
6 - تعاون المواطنين والمقيمين التام مع الأجهزة المعنية هو أحد أهم الروافد والمرتكزات لنجاح جهود الدولة.
7 - المحافظة على صحة الإنسان في طليعة اهتمام الدولة ومقدمة أولوياتها.
8 - حرص الدولة الشديد على توفير ما يلزم المواطن والمقيم من دواء وغذاء واحتياجات معيشية.
9 - التكاتف والتعاون ومواصلة الروح الإيجابية، وتعزيز الوعي الفردي والجماعي.
10 - الالتزام بما يصدر من الجهات المعنية من توجيهات وتعليمات وإرشادات في سبيل مواجهة هذه الجائحة.
11 - توفير كل أسباب العيش الكريم للمواطن.
12 - نشكر كل الجهات الحكومية على جهودها، وخصوصًا العاملين في المجال الصحي.
إن الإنسان المسلم مع التوكل على الله، وعمل الأسباب، حري به أن يتفاءل مصداقًا لما ورد: «تفاءلوا بالخير تجدوه»، وفي الحديث القدسي، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ عَائِدِينَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ مَدَّ يَدَهُ فَأَخَذَ يَدَهُ فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ وَصَدْرَهُ لأَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ لَهُ: «يَا يَزِيدُ كَيْفَ ظَنُّكَ بِرَبِّكَ؟»، فَقَالَ: «حَسَنٌ»، قَالَ: «فَأَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ».
نسأل الله العلي القدير أن يزيل الغمة عن الأمة.
** **
alomari1420@yahoo.com