«الجزيرة» - الاقتصاد:
وفقاً لتقرير صادر عن مجلس الأعمال الأمريكي السعودي، بلغت القيمة الإجمالية للعقود التي تمت ترسيتها 35.3 مليار ريال (9.4 مليار دولار) خلال الربع الرابع من عام 2019، حيث تواصلت نشاطات الإنشاء بوتيرة متسارعة خلال العام.ورغم أن القيمة الإجمالية للعقود التي تمت ترسيتها قد تراجعت خلال الربع الرابع من العام بمقدار 12.5 مليار ريال (3.3 مليار دولار)، ما يعادل 26 % مقارنة بالربع الثالث، إلا أن عام 2019 سجل أعلى قيمة عقود تتم ترسيتها منذ عام 2015.
وعند مقارنة النمو على أساس سنوي، فإن قيمة العقود التي تمت ترسيتها للربع الرابع من عام 2019 نمت بنسبة 34 % مقارنة مع الربع الرابع من عام 2018. ونتج عن ذلك ارتفاع قيمة العقود التي تم ترسيتها خلال العام إلى حوالي 197.1 مليار ريال (52.6 مليار دولار)، مسجلة زيادة 95 % مقارنة بعام 2018.
وقد شهد عام 2019 تطوراً ملموساً لسعي المملكة لتعزيز البنى التحتية من خلال العديد من خطط وبرامج تحقيق الرؤية.
وعكست قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الرابع من عام تصدر قطاع العقار كافة القطاعات، بعد أن ظل قطاع النفط والغاز في الصدارة خلال الثلاثة أرباع الأولى من العام. وتراجع قطاع النفط والغاز إلى المرتبة الثانية، في حين تقدم قطاع المياه ليحتل المرتبة الثالثة. وشكلت هذه القطاعات الثلاثة نسبة 74 % من قيمة كل العقود التي تمت ترسيتها خلال العام، مع محافظة قطاعي النفط والغاز والعقار على الصدارة خلال عام 2019 بأكمله.
ومن ضمن القطاعات البارزة الأخرى من حيث القيمة، كلاً من قطاعات الطاقة، والبتروكيمايات، والنقل. ورغم أن قيمة العقود التي تمت ترسيتها في عام 2019 تراجعت مقارنة بنظيراتها فيما قبل عام 2016.
وسجل مؤشر مجلس الأعمال السعودي الأمريكي لترسية العقود 210.27 نقطة بنهاية الربع الرابع من عام 2019. وبقي المؤشر فوق مستوى عتبة 200 نقطة للشهر السابع على التوالي، رغم ما شهده من تراجع خلال الربعين الثالث والرابع من العام.
وقد هبط المؤشر خلال الربع الرابع من العام على أساس ربع سنوي مقارنة مع الربع السابق له بنسبة 11 %، بينما ارتفع بنسبة 70 % على أساس سنوي مقارنة بالعام الأسبق. وسجل المؤشر تراجعاً خلال كلٍ من شهور الربع الرابع من عام 2019، حيث بلغ 232.86 نقطة في شهر أكتوبر، ثم 214.98 نقطة في شهر نوفمبر، و210.27 نقطة في شهر ديسمبر. ويمكن أن يُعزى
هذا التراجع إلى ذروة قيمة العقود التي تمت ترسيتها في شهر يونيو من العام مما دفع المؤشر ليبلغ أعلى مستوياته في شهر يوليو مسجلاً 245.67 نقطة في شهر يوليو.
وأحرز قطاع النفط والغاز ثاني أعلى قيمة عقود تمت ترسيتها خلال الربع الرابع من عام 2019 بحصة 7.7 مليار ريال (2 ملياري دولار)؛ وهذا يمثِّل أول ربع في عام 2019 لم يحتل فيه قطاع النفط والغاز المرتبة الأولى من حيث قيمة العقود التي تمت ترسيتها. غير أن قطاع النفط والغاز حقق أعلى قيمة للعقود التي تمت ترسيتها في عام 2019 وبفرق كبير عن ما يليه من قطاعات، مسجلاً 43 % أو 84.2 مليار ريال (22.5 مليار دولار) من إجمالي العقود التي تمت ترسيتها خلال العام. وبتجاوز القطاع لمستواه الأعلى السابق والذي بلغ 60.5 مليار ريال (16.1 مليار دولار)، والذي سجله في عام 2009، فقد حقق قطاع النفط والغاز بما سجله في الربع الثالث من عام 2019؛ ثاني أعلى قيمة عقود تتم ترسيتها في أي قطاع منذ عام 2008، حيث حاز قطاع النقل على حصة بلغت حوالي 105.8 مليار ريال (28.2 مليار دولار) في عام 2013.
وارتقى قطاع المياه إلى المرتبة الثالثة بحوالي 6.3 مليار ريال (1.7 مليار دولار)؛ وبهذا بلغت القيمة الإجمالية للعقود التي تمت ترسيتها في قطاع المياه خلال عام 2019 نحو 21.9 مليار ريال (5.8 مليار دولار)، مشكلاً 11 % من الإجمالي. وهنا أيضاً، تأتي هذه القيمة كأعلى قيمة للعقود التي تمت ترسيتها في قطاع المياه على الإطلاق منذ إنشاء المؤشر.
وتلوح في الأفق مخاطر قد تؤثر سلباً على الإنفاق في قطاع الإنشاء خلال عام 2020. إذ أصبح قطاع النفط معرضاً لضغوط منذ انتشار فايروس كورونا إلى خارج الصين، حيث يتداول خام برنت حاليًا بالقرب من 38 دولارًا أمريكيًا مع تراجع الطلب العالمي خاصة في الصين. ومع إعلان المملكة عن زيادة الإنتاج في أبريل إلى أكثر من 13 مليون برميل في اليوم وتقديم خصومات لشركائها التجاريين سيزيد من انخفاض الأسعار. وسيكون هذا السيناريو إلى جانب التحدي المتمثل في احتواء الفيروس كورونا حول العالم من أكبر التحديات في عام 2020 .
وسيتواصل إنسياب المشاريع العملاقة في المملكة ليرفد قطاع الإنشاء. وهناك مشاريع بالغة الضخامة، مثل ما أعلنته شركة تنمية البحر الأحمر مؤخراً عن عزمها على رفع قيمة العقود التي تقوم بترسيتها إلى ما يفوق الضعف في عام 2020، لتزيد من 2.3 مليار ريال (613 مليون دولار) في عام 2019 إلى 6.8 مليار ريال (1.8 مليار دولار) في عام 2020. أيضاً أعلنت مؤخراً شركة القدية للاستثمار عن خطط لتسريع وتيرة نشاطاتها لتفي بموعد الافتتاح الكبير المقرر في عام 2023. وتتعلق هذه النشاطات بمشروع عملاق بقيمة 19 مليار ريال (5 مليار دولار)، ويُعنى بتطوير بمبلغ 8.5 مليار ريال (2.3 مليار دولار) لتطوير البنى التحتية العامة، والذي سيتضمن شبكات مرافق، وممرات مشاة، وطرق، ومرافق عامة.
ومن ضمن الأخبار السارة الجديرة بالاهتمام في البيان الأولي لميزانية عام 2020 توقّع أن تتضاعف ميزانية المشاريع العملاقة في عام 2020 مقارنة مع مخصصاتها في عام 2019.
ومن شأن هذا الإعلان الإيجابي أن يضع قطاع الإنشاء في الصدارة كمتصدٍ لقيادة النمو الاقتصادي غير النفطي على المدى المتوسط.
وهناك علامة أخرى مضيئة في مسار انتعاش قطاع الإنشاء، وهي نسبة مشاركة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي؛ فقد نما قطاع الإنشاء بالأسعار الفعلية بمعدل 1.28% على أساس ربع سنوي خلال الربع الثاني من العام، وبمعدل 4.4 %على أساس سنوي. واستشرافاً للآفاق على ضوء دخول العقود التي تمت ترسيتها مرحلة التنفيذ، واستصحاباً لتوقع وزارة المالية بتضاعف حجم مخصصات المشاريع العملاقة في عام 2020؛ فمن المرتقب أن يعود قطاع الإنشاء لمكانته كمساهم أساسي ومهم في اقتصاد المملكة العربية السعودية.
وفيما يلي بضعة مشاريع عملاقة يتوقّع أن تتم ترسيتها خلال الربع الرابع من عام 2019 وستعمل على تعزيز قيمة العقود التي تتم ترسيتها، وتشمل مصنع كلور- قلويات تابع لشركة صدف في مجمع الجبيل للصناعات الكيماوية بمدينة الجبيل، ومشروع الهيئة العامة لتحلية المياه لإنشاء نظام ضخم لنقل المياه في الجبيل، وخطة شركة القدية للاستثمار لإنشاء مجمع رياضي في المدينة الترفيهية بالرياض.