د. صالح بكر الطيار
ألقى فيروس كورونا بظلاله السلبية على الاقتصاد العالمي، حيث شهدت الأسهم الأمريكية هذا الأسبوع أسوأ مؤشرات لها منذ عام 2008 الذي شهد انهيارًا في سوق الأسهم، إضافة إلى خسائر كبرى لشركات عالمية وتدهور في سوق التجارة بين الدول وتذبذب في مؤشرات الإنتاج والاستيراد والتصدير، وسط ضخ ملايين الدولارات من منظمات وهيئات ودول لمواجهة كورونا الذي أكل كل شيء أمامه ودمر الخطط الإستراتيجية فيما يخص التنمية في بلدان عدة وسط تأجيل اضطراري لأغلب الاجتماعات المجدولة بين دول متعددة بسبب كورونا، إضافة إلى تسجيل شركات عدة لخسائر متعددة نتيجة الكساد التجاري وسط انتعاش في سوق المستلزمات الطبية، وأيضًا وجود سوق سوداء رفعت تكاليف الأغراض الطبية مثل الكمامات والمعقمات وغيرها في ظل تأثير الإشاعة وتناقل العشرات من الفيديوهات عن كورونا والبعض منها صحيح والبعض غير صحيح، بل جاء من باب السخرية أو من خلال الافتراء.
سيواجه الاقتصاد العالمي مشكلات متلاحقة هذا العام، وقد تتمدد التأثيرات إلى أعوام قادمة نتيجة الانعكاسات السلبية لتأثيرات الفيروس على معدل الإيرادات التجارية وانخفاض مستويات الدخل القومي للدول الكبرى التي تعد من أهم الاقتصاديات التي تدعم اقتصاد الدول الأخرى، إضافة إلى الخسائر الكبرى نتيجة الصرف المستمر لمواجهة هذا الفيروس وسط ارتفاع معدلات الصرف واقترانها بارتفاع عدد الحالات المسجلة يوميًا في إحصاءات منظمة الصحة العالمية. سؤالي هل كان لدى الدول التي تمتلك اقتصاديات كبرى مرتبطة بكل قارات العالم خطط إستراتيجية في مواجهة الكوارث وفي إدارة الأزمات وتحديدًا الصحية ومدى ارتباط هذه الإستراتيجيات بمعدلات الصرف وتوقعات المصروفات مقابل الإيرادات. لقد انتشر الفيروس، وندعو الله عز وجل أن يرفع الغمة عن الأمة وأن يعجل بفرجه على الإنسانية جمعاء، ولقد بات ضروريًا أن تدرس الدول كافة إستراتيجيات مستديمة لمواجهة الفجائع أو المصائب ومنها كورونا التي قد لا تكون في الحسبان نظرًا لأهمية معرفة المخاطر وإدارة الأزمات بفكر مؤسساتي ومهني يعتمد على لغة الموازنة بين المعطيات والاحتمالات في كل الظروف حتى تبقى الاقتصاديات القومية للبلدان في مؤشرات التحسن والتنامي بعيدًا عن الخسائر والانهيار، لتنعم الشعوب بالرخاء وتحمي الدول دخلها من التأثيرات العالمية بكل أشكالها.
ورغم هذه الأزمة الاقتصادية إلا أن قيادتنا الرشيدة انفردت بدعم عظيم من خلال حزمة الدعم المالي لكل قطاعات الدولة العامة والخاصة وخدمة رعاياها في الخارج الذين لم يتمكنوا من العودة إلى المملكة بتأمين سكنهم وإعاشتهم من خلال سفاراتنا في دعم سخي وعطاء كبير يعكس انفرادها وحرصها الدائم على مواطنيها ومتابعتها شؤونهم والتكفل بجميع أوجه الرعاية لهم وفق أرقى الخدمات وأعلى المستويات.