عبده الأسمري
لا حديث يعلو ولا حدث يطغى على «كورونا» هذا الفيروس الذي أشغل العالم بأسره وجعل الكرة الأرضية على «صفيح ساخن»..
شملت تداعيات هذا الفيروس «العرب والعجم» و«الكبار والصغار» و«المسلمين والكفَّار» و«الأميين والمتعلِّمين» وفرض حالة موحَّدة من «الاحتياط» وموجة متساوية من «العزلة»..
وتحوَّلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى أحاديث وحكايات وبات الجميع على «علم» و«دراية» و«فكر» و«تدبّر» بالاحترازات والاحتياطات وكل فروض «الوقاية» وجميع وسائل «السلامة».
فيروس اختصر كل معاني «النصح» وكل صيحات «التوجيه» عندما تعلَّق الأمر بالحياة والموت وارتبط بالمرض والصحة.
كم هو ضعيف هذا الإنسان الذي لا يعدو كونه «كائناً» وصفه القرآن بأنه كان أكثر شيء جدلاً وأنه «لم يكن شيئاً مذكوراً» وأنه على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره «وأنه خلق هلوعاً» وغيرها من الآيات الكريمات التي وصفت حاله «المتبدل» وأصله «العاجز».
فيروس كورونا «مثير» وردود أفعال البشر «استجابات» تتلخَّص في السلوك والتعامل مع أزمة عالمية لم «تستثن» أحد فالكل سواسية تحت الخطر والدول جنَّدت كل إمكاناتها ووسائلها وأفكارها وقراراتها وسخّرت كل قدراتها لمواجهة هذا الفيروس الذي شل حركة المطارات وأجل الصفقات وأرجأ المصالح.. ليكون الناس في «انزواء» إجباري عن مطالب الرفاهية و«التجاء» حتمي برب البرية و«انتظار» مخيف لنتائج المعركة.
في هذه الأزمة الكبرى ثلاثة «أزمنة» تتحوّل بين السابق والحاضر والمستقبل فما بين «غفلة» عن الوقاية ومشاهدة بائسة على انطلاق الفيروس من الصين وتحول ميادينها المكتظة بالسكان إلى «مدن» أشباح كانت فصول الفترة الماضية قبل أن ينتشر الفيروس على خارطة الأرض ويرسم معالم «الموت» ويكتب مشاهد «الوفاة» ويعلن مراسم «الحداد» ويلغي مواسم «الفرح». ثم حل الحاضر بتغافل وتجاهل وتساهل من بعض الفئات والتزام وانتظام واهتمام من آخرين ليظل العالم في شد وجذب مع النتائج التي ظلت راضخة لموازين القدر ثم حيثيات البشر. وسط «توقعات» و»تكهنات» بعيدة عن «التأكيدات» وبين تذبذب «البصائر» بشأن «المصائر» في نتائج ونهاية هذا الفيروس بتوقيت المستقبل.
سؤالي هل استفدنا من «عبر» كورونا وهل تشرّبنا من «معين» التجربة وهل نهلنا من «نبع» الحدث..؟
حتماً فان الإجابات ستظل مختلفة كاختلاف الفروق الفردية والميول والاتجاهات بين البشر.. ولكني أتمنى أن تكون الفائدة أكبر وأعلى وأعمق وأدق في سلوكنا وثقافتنا..
فالأمر يتدرج بين النائبة والمصيبة ووصل إلى حد «الكارثة» في بعض البلدان ومن المهم أن نعي التفرقة بين الواقع والتوجّس في حين أنه يجب أن نلمس التباين بين الحذر والخطر في مساحات «المحاذير» و»السلوكيات» لمواجهة هذا الفيروس والذي يجب أن تكون جزءاً من ثقافتنا وأن نتعامل مع هذه الثقافة بالسلوك القويم.
تقف قيادتنا الرشيدة على كل التفاصيل اليومية في الداخل والخارج واضعة للتاريخ «قرارات» مفصلية تضع صحة المواطن والمقيم في ميزان ديني وميدان إنساني مجنِّدة كل القطاعات على مدار الساعة لمواجهة تداعيات كورونا لذا فعلى الجميع من مواطنين ومقيمين أن يكونوا عوناً للدولة وأن يكونوا على مستوى «المسؤولية الوطينة» في الثقافة والسلوك من خلال التقيّد بالأنظمة والابتعاد عن الشائعات وتوظيف رؤى الدولة في قراراتها التي أسهمت في توفير كل سبل وطرائق العلاج والوقاية والراحة والطمأنينة في كل اتجاهاتها للجميع.
درس كورونا رفع مستوى «التثقيف الصحي» و«النظافة» و«الوقاية» لتكون أصولاً وأسساً في حياة البشر أجمعين فقد يكون كورونا الآن ويأتي ما هو أفظع وأبشع منه مستقبلاً إضافة إلى أن الالتزام بالأنظمة جزءٌ من رقي السلوك ومن ارتقاء الوعي الذي يجب أن يكون أسلوب حياة ومسلك عيش في السراء والضراء حتى ترتفع الإيجابيات وتنخفض السلبيات وكي يعم سلوك «النفع» ويتلاشى مفهوم «الضرر».
كورونا «عدو» اقتحم العالم والكل في مواجهة شرسة ومعركة محتدمة بين «الإنسان» و»كائن» فيروسي.. والمستقبل في حكم «المجهول» ولكن «المعلوم» الآن أن يكون الجميع على مستوى «الحدث» في اتباع التعليمات وفي تطور الفكر وتنمية التعامل في إدارة الأزمات بكل أنواعها وأصنافها على مستوى الذات والمجتمع.