حين أطلت على العالم جائحة كورونا (COVID-19)، ولم تأخذه دول العالم بالاهتمام، وتوقعوا أنه مرض من الممكن السيطرة عليه بسهولة، لكن قدرة الله كان فوق كل شيء؛ إذ اختار أقوى وأعتى الدول لكي ينشره بها، وانتشر بالعالم كالنار بالهشيم، وأصبح الكل ما بين عاجز ومهمل ومحاول. وهذه طبيعة الإنسان منذ بدء الخليقة، يكافح بإمكانياته وقدراته.. لكن كورونا (COVID-19) كشف لنا أمورًا سياسية واجتماعية وصحية؛ فانكشف لنا زيف الحضارة الغربية، وأنها لا تتعدى ظاهرة صوتية، تبتز بها حكومات الشعوب بمظاهرها البراقة.. ومن كارثة كورونا (COVID-19) عرفنا - ولله الحمد - أننا نحن في المملكة مَن نمشي في الطريق الصحيح؛ وللتذكير فقبل أكثر من أربعين عامًا قاد الصين الشيوعية (ماو سي تونغ) فلم يفعل شيئًا لإنقاذها من التخلف، واعتلى السلطة من بعده قائد النهضة الصينية الحديثة (دينغ شياو بينغ) فتقدم في عام 1978 إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لتغيير أسلوب الحكم بالكامل وتطويره من خلال إدخال خطوات جريئة وجبارة تحت مظلة النظام الشيوعي؛ فتم رفض طلبه سبع مرات، وفى المرة الثامنة تم قبول طلبه بعد جهد كبير لإقناع أعضاء الحزب المتحفظين جدًّا من أسلوب وممارسات الحضارة الغربية، لكن هذا الرجل تمكن من تمرير مشروعه بأن جمع بين مميزات النظام الشيوعي ومميزات الحضارة الغربية، مستعينًا بجامعة من أعرق الجامعات في العالم، ألا وهي جامعة أوكسفورد في بريطانيا، التي رفضت طلبه في البداية، لكنها بعد إغراءات مالية ضخمة وافقت أن ترسل له أحد العلماء، وهو العالم العراقي إلياس كوركيس؛ إذ بدأ هذا الخبير عمله بالحكومة أولاً؛ فحارب الفساد بقوة، ووضع الولاء أولاً وأخيرًا للوطن، وركز على التقدم التكنولوجي، ومنه انطلقت النهضة الصينية الحديثة. واليوم نرى الصين وقد أذهلت العالم في معالجتها لتلك الجائحة كورونا (COVID-19) بالتطور التكنولوجي، وبالصمت بعيدًا عن التضخيم الإعلامي؛ فالشعب والحكومة يدٌ واحدة؛ إذ استطاعوا إنقاذ مليار ونصف المليار نسمة بوقت قياسي.
وما يثلج صدورنا أننا في المملكة -ولله الحمد- رُزقنا بحكومة بتوجيهات مولاي خادم الحرمين الشريفين، وقيادة سمو سيدي ولي العهد، كانت من أولوياتها محاربة الفساد، وهدفها شعبها أولاً. والحمد لله بدأنا نجني ثمار هذه الخطوات في وقت قياسي؛ فأصبحنا مضرب المثل أمام العالم بقوة القرارات وسرعة تنفيذها. أسرة واحدة، يشهد لنا العدو قبل الصديق بالنجاح المبهر في معالجة أزمة كورونا؛ فقد رأينا دولتنا حين حلت تلك الجائحة تتعامل معها بقرارات وخطوات دون تأخير؛ فشكلت لجنة بأمر من المقام السامي، تضم جميع الجهات الحكومية؛ لكي تحافظ على صحة المواطن والمقيم أولاً، ودون تمييز، وأُعطيت لها كامل الصلاحية (فبدأت بإغلاق المدارس، وإغلاق الحدود، وإيقاف العمرة من الداخل والخارج، ومنع التجمعات والصلوات بالمسجد والحرمين، وإيقاف النقل بالطائرات والقطارات والحافلات وغيرها) بقرارات جريئة وقوية، وكلها تصب في مصلحة صحة المواطن في الوقت الذي تتخبط فيه الدول المتقدمة في كل المجالات، خاصة الغرب، في إيجاد حلول لهذه الأزمة، وهي التي تتغنى بأنظمتها الصحية الحديثة، وبالديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد ذابت أمام هول تلك الكارثة بعكس ما نراه من اطمئنان لما تقوم به حكومتنا - أيدها الله - حيث الترابط والتعاون بين الشعب والحكومة، وهو ناتج عن حرص حكومتنا الرشيدة على شعبها ومقيميها؛ إذ تحملت نفقات الأعباء الصحية والاقتصادية كاملة؛ لكي ينعم هذا الشعب بالأمن والأمان والصحة والعافية؛ وبهذا تكون قد ضربت أروع الأمثلة في التركيز على إيجاد حل لهذه المشكلة بعيدًا عن التمييز الطائفي والإقليمي والدولي.. فها هو والدنا خادم الحرمين الشريفين يقول لنا: «نحن مسؤولون أمام الله عنكم، وسوف تبذل الدولة ما بوسعها للوقوف مع المواطن والمقيم»، ويتوج ذلك بمتابعة سمو سيدي ولي العهد ليلاً ونهارًا للجنة؛ وهو ما أعطى قراراتها القوة وسرعة التنفيذ بالرغم مما يمر به العالم من جائحة صحية واقتصادية، إلا أن حكومتنا أبت إلا أن تقف مع المواطن والمقيم والقطاع الخاص على حد سواء، بالرغم من أن أسعار النفط وصلت إلى مستويات متدنية، لم تصلها من قبل؛ فتحملت الدولة عبء المسؤولية كاملة.
وعلى كل مواطن ومقيم، وقد وهبكم الله حكومة أحرص منكم على أنفسكم، أن يكونوا على قدر مستوى المسؤولية في مواجهة هذا الوباء.
وفق الله ولاة أمرنا إلى كل ما يحب ويرضى، وسخر لهم كل ما فيه نفع وصلاح لهذا الوطن.
** **
- علي بن حسين العواجي