محمد آل الشيخ
دويلة قطر مساحتها قرابة الثمانية آلاف كيلو متر مربع فقط، وعدد سكانها لا يزيد عن مائة وخمسين ألفاً على الأكثر، ولديها من عوائد الغاز ما يجعلها من أثرى دول العالم وأغناها؛ ولدى حكامها هوس باستغلال هذه الثروات لتكون دولتهم دولة مؤثرة في العالم سياسيًا، وهذا الطموح، أو بلغة أدق البحث عن قيمة، أدخلها في مغامرات سياسية انتهت بأنها باتت مقاطعة ومعزولة من أربع دول عربية، وبقية الدول تأخذ من الحيطة واليقظة والحذر ديدناً في أي تعاملات معها، فقد عودت الجميع بأنها تدس أنفها في قضاياهم الداخلية، وتبحث عن المشاكل، ليكون لها حضور على الأقل إعلاميًا في الساحة العربية، بينما حصد شعبها من هذه الممارسات غير المسؤولة الأمرين، وجعلهم محل شك وريبة أينما حلوا أو ارتحلوا.
قال صاحبي القطري: من حق قطر أن تبحث لها عن قيمة، فالدول التي بلا قيمة لا يحسب حسابها أحد. قلت: أنا أتفق معك تمامًا، لكن هناك فرق بين القيمة والقيمة؛ قطر اختارت ليكون لها وزن في المنطقة أن تكون مصدر (إيذاء)، وإزعاج، وكان أميرها المعزول حمد بن خليفة يفاخر بهذا (الإزعاج) ويتباهى به، فقد صرح بذلك للقذافي في مكالمته الشهيرة التي انتشرت، واضطرته للتراجع، والتخلي عن الإمارة لولده تميم. وقطر - لو أن ثمة نضوج في الرؤية - بإمكانها استثمار ثرواتها الخرافية في المجالات التنموية الحيوية بدلاً من استثمارها في دعم الإرهاب ومساندة تنظيم الإخوان المسلمين، فلو - مثلاً - صرفت دعمها للإسلام السياسي التي عادت منه بخفي حنين في إقامة مستشفيات، وجلبت لها أفضل العقول، ومولتها، لتكون هي الأولى في المنطقة، لكانت الآن قطر هي الدولة المتميزة التي يأتي إليها الناس من مشارق الأرض ومغاربها يتداوون فيها؛ وهي بلا شك لديها من الثروات والأموال ما يمكنها فعلاً أن تصل إلى هذا الهدف الحضاري؛ لكنها للأسف سلكت طريقا آخر، بل وطريقًا هو على الضد من ذلك الطريق، فجلبت المتأسلمين المُسيسين من كل حدب وصوب، وجعلت بلادها ملاذاً لهم، وجماعة الإخوان – كما أثبتت التجارب - جماعة فاشلة سياسياً، من يراهن عليها في مضمار السياسة الدولية هو كمن يراهن على حمار أعرج في حلبة يتسابق فيها أحصنة وليس حميراً عرجاء، كما هم جماعة الإخوان التي فشلت في مصر والسودان وها هي تفشل أيضاً في تونس.
العالم اليوم يواجه وباء كورونا، ويبحث عن حلول له، ويتلمس السبل للخروج منه، ولو أن أموال قطر استثمرها حكامها في المجالات الطبية لكانت اليوم هي الدولة التي تحتل صدارة الأخبار، ولأصبح شعورها بالنقص سببًا في جعلها مستشفى العالم. قلت لصاحبي القطري ما رأيك؟.. قال هذه مقترحات تريد عقولاً وليس مجرد مغامرين يتحلق حولهم ثلة من شذاذ عرب الشمال الانتهازيين.
إلى اللقاء