فوزية الشهري
وسط هذه الأحداث يمر علينا مصطلح الوعي ويتردد بكثرة وندعو دائماً للتحلِّي بالوعي والحفاظ عليه ،فهل نحن بحاجة له؟
لا ريب أن للوعي فوائد كثيرة، وعوائد مهمة، لا يدركها إلا من دقَّق وتأمَّل، وعاش في حدائق الوعاة، واستنشق نسيم المستبصرين، وجدَّ وكدح ليتجاوز حالة السطحية والسذاجات المتراكمة.
نحن بحاجة للوعي لأننا في حركة الحياة التي نتحرَّك فيها من خلال المفاهيم والتصورات التي نحملها لذلك نجد أننا أمام أساليب مختلفة والتفاوت يظهر باختلاف الوعي وإننا نرى أعداداً لا يُستهان بها أصبحت رؤيتها مشوَّشة وطريقة إدراكها غير سوية.
لذلك فقضية الوعي ينبغى أن نوليها أهمية تتناسب مع قدرها، إذ هي قضية حياة أو موت، وجود أو فناء، فاعلية أو خمول.
ويجب أن ندرك أن مستوى وعي الفرد لا يُقاس إلا من خلال تعامله مع المستجدات، والوعي لا يقتصر على مجال واحد، بل الوعي شامل فهناك وعي صحي وسياسي وفكري وأيضاً وعي ديني وهو ما يهمني في هذا المقال لأن المعرفة العميقة لمقاصد الشريعة والفقه الحقيقي للأحكام هو خير دليل على الوعي الديني للمجتمع والأفراد.
مع القرارات الاحترازية للحد من انتشار الكورونا صدر قرار وقف صلاة الجمعة والجماعة مؤقتاً بالمساجد، وقد قابل المجتمع القرار بتفهّم ووعي والتزام، هذا الشيء أسعدني كثيراً، ما أجمل أن نعبد الله على بصيرة ونعي حقاً يسر ديننا ومراعاته لبشريتنا.
قبل القرار بعدة أيام قرأت تغريدة لم أستطع وصفها إلا (بالهياط الكوروني) يقول كاتب التغريدة (إن المساجد لو امتلأت بالكورونا، لن يترك صلاته للفروض الخمس فيها)، تخوَّفت كثيراً من أثر تغريدته على المتلقين لها والمتابعين له وقد كانت تغريدة شعبوية تدندن على وتر المشاعر الدينية، ولا تحمل أي وعي، أو فقه شرعي، ولست هنا للرد عليه فهيئة كبار العلماء والمشايخ الأفاضل وضَّحوا كثيراً وأعطوا الأمثلة وفصَّلوا في هذا المجال وكان خطابهم كافياً ووافياً للمجتمع، لكن ما أسعدني في هذا الحدث هو انهزام الهياط والتلاعب بالمشاعر الدينية وسط وعي مجتمعي وفقه بدين الله، وتقبّل للقرارات والوعي المصاحب لذلك، كنت سعيدة جداً بالوعي المجتمعي حتى من التأثر بمواقع التواصل والمتصدرين فيها، فشكراً للأحداث والمواقف فهي تعلِّمنا الكثير وتكشف لنا الكثير.
الزبدة:
مثلما يجب أن نراقب كل كلمة نتفوَّه بها، فعلينا أن نراقب كل كلمة نصمت عنها.
«بنيامين فرانكلين»