رقية سليمان الهويريني
أستغرب أن يكون توجيه وزارة الصحة لعموم الناس لم يكن مقبولاً أو مريحاً لدى البعض عندما طالبتهم البقاء في منازلهم لمجابهة فيروس كورونا برغم تعليق الدراسة وجميع الدوائر الحكومية، وكذلك منع صلاة الجماعة في المساجد. حيث أبدى هذا البعض امتعاضهم وتضجرهم وتذمرهم!
تذكروا أن المرء يسعى لامتلاك منزل ومروره بشتى أصناف الكد والعناء، وقد يوفر أكثر من نصف دخله لعدة سنوات ليستطيع بناء منزله وتأثيثه والاهتمام به وجلب كل ما يعجبه لتزيينه وإحضار الخدم وتوفير أدوات النظافة لكي يكون مناسبا لحياته، ويصبح همه الدائم جعله متكاملا ومريحا! فكيف بهذا البعض أن يتململ ويسخط حين يطالب بشكل مؤقت بعدم الخروج من منزله إلا للضرورة!
فيما أن البيت هو السكن والراحة والأمان، ففيه ينام ويتناول طعامه ويتمدد ويستمتع بوجوده داخل أسرة تحبه وتحترمه وتخاف عليه، وتسليه وتحتويه وهو صحيح معافى لا يشكو مرضا.
وقد أتفهم حالة التذمر حين لا يملك الشخص مالا لتسديد أيام إقامته المؤقتة لعدم حصوله على دخل أيام فترة البقاء المنزلي المؤقتة، ولكن جميع السكان في بلادنا العزيزة لديهم دخل سواء تجار أو موظفين يستلمون رواتب أو إعانات من الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية أو كرم المحسنين.
فما سبب حالة العناد والتذمر التي جعلت وزير الصحة يرجوهم البقاء في منازلهم لمحاصرة فيروس كورونا؟ وإرسال رسائل يومية تؤكد أن ذلك من المواطنة الحقة والتعاون الاجتماعي؟
وما الداعي لقيام البعض بإسداء نصائح عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول كيفية قضاء الوقت في المنزل، وآلية توزيع الساعات في اكتشاف أركان المنزل وتفقد نظافته، وأساليب إدارة أزمة الوقت الطويل، وكأن الجلوس في المنزل نكبة وليس متعة؟ ولم يقف الأمر عند ذلك؛ بل أطلقت النكت والدعابات وتم تداولها على مستوى واسع، وهي طريفة ومسلية ولكنها تنبئ عن حالة غير طبيعية يمر بها بعض أفراد هذا الشعب اللطيف!
ومن قراءتي للمشهد؛ لعل هذه الفترة الراهنة تعيد بعض الخلل الاجتماعي الذي لم نكن نحسب له حسابا وهو حالة الهروب المنزلي.
اللهم احفظ بلادنا من الشرور، ولا تطيل لنا بشدة.