محمد آل الشيخ
خبران مهمان لفتا نظري قرأتهما قبل أمس. الأول تقرير متشائم بل ومخيف نشرته صحيفة (الغارديان) جاء فيه أن الخبراء الصحيين من مستشاري الحكومة البريطانية يتوقعون أن يقتل فيروس كورونا المستجد ما بين 318 ألفا و500 ألف نسمة بعد أن يصيب 80 % من السكان. ورغم أن صحيفة الغارديان صحيفة رصينة، إلا أن الأرقام المستقاة من تجربة الصين مع هذا الوباء تنسف ما جاء في هذه الاستنتاجات أو التوقعات التي تقول عنها الصحيفة إنها (سرية)؛ فالصينيون هم أول من ضربهم هذا الوباء وبقوة، لكنه لم يقتل منهم إلا أربعة آلاف، وهو الآن في طور الانحسار كما تقول الأنباء القادمة من هناك، والصين تعداد سكانها مليار ونصف مليون نسمة، فكيف يقتل من البريطانيين هذه الأعداد المهولة رغم أن تعداد البريطانيين بقضهم وقضيضهم ما يقارب 5 % من سكان الصين؛ ويبدو أن هذه المبالغة في ذلك التقرير (مفبركة) لسبب أو لآخر، ويبدو أنه توجه رسمي للحكومة، إذ أن رئيس الوزراء البريطاني جونسون كان قد صرح تصريحا فيه تهويل وتضخيم وتخويف من هذا الوباء، بالشكل الذي يتماهى مع التقرير الذي تحدثت عن فحواه الصحيفة. لذا فإنني أميل إلى أن (المبالغة) في حجم ضحايا الفيروس سياسة مقصودة، فقد أرادت منها الحكومة البريطانية دفع البريطانيين وتخويفهم للتعامل مع هذا الفيروس بجدية ليلزموا مساكنهم ويحدوا من انتشاره؛ فالحكومة في بريطانيا لا تملك إمكانية التعامل مع شعبها بالطريقة التي يتعامل بها الصينيون مع الوباء، وهي الضرب بيد من حديد دون أن يلتفتوا لحقوق الإنسان، التي تقدسها النظم الديمقراطية الأوروبية. لهذا فإن هذا الخبر المتشائم والمروع أيضاً قد يكون لتسربه دوافع أخرى، هي في التحليل الأخير دوافع مبررة وسياسية في النتيجة.
الخبر الثاني جاء من أمريكا ومؤداه أن الأمريكيين قد توصلوا إلى لقاح لهذا الفيروس، هو في مرحلة التجريب على الإنسان الآن، وبثته قناة (العربية)؛ اللقاح الجديد – كما جاء في العربية - يحتاج إلى سنة أو سنة ونصف ليتأكدوا من قدرته على تطويق فيروس هذا الوباء وإحباطه، وعدم وجود آثار جانبية قد تكون أخطر من الوباء نفسه، وهذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا إذا تمت تجربته فعليا على عدد من المتطوعين، واكتشاف على وجه اليقين أولاً قدرته على حماية الإنسان من الوباء، وثانيا عدم وجود مضار جانبية، قد تترتب على اعتماده كلقاح. المشكلة هنا طول فترة التجريب، وبالتالي هل يمكنهم من إبطاء انتشار الوباء ريثما تظهر نتائج هذا اللقاح؟.. يقول المختصون: إن الزمن يمكن أن يتم ضغطه لأقل من سنة، وربما لستة أشهر، إذا كانت المؤشرات جيدة في الأشهر الأولى من هذه التجارب، فهناك أمصال وقائية أخرى تم اكتشافها، ومن ثم اعتمادها، في مدة زمنية أقل من سنة، إلا أن خبراء الصَّيدلة والمتخصصون في الأبحاث الطبية عادة ما يعطون أنفسهم فترة قصوى من الزمن، يستطيعون خلالها التعرف على اللقاح، وسبر جوانبه وخصائصه وآثاره السلبية والإيجابية، لكنهم في أحايين كثيرة، وللضرورة أحكامها، يختصرون هذه المدة، خاصة إذا توفر التمويل المالي الذي هو في أحايين كثيرة العامل الأهم في تسريع التجارب لهذه اللقاحات..
بقي أن أقول إنني كنت منذ البداية على يقين أنهم سيتوصلون إلى لقاح لهذا الوباء، كما هو ديدن هذه الحضارة الغربية المتفوقة في مرات كثيرة.
إلى اللقاء