هيفاء صفوق
لا شك أن المشاعر هي المسيطر الحقيقي لحياتنا وتفكيرنا، إن صحت هذه المشاعر وأصبحت مطمئنة أصبحت أيضاً حياتنا وقراراتنا وطريقة تفكيرنا صحيحة، وإن غلبت علينا المشاعر السلبية سوف تصبح حياتنا انعكاساً لها.
لابد أن ندرك كل ما يدور في عالمنا الداخلي من اعتقادات وأفكار له تأثير قوي على المشاعر وهذا هو عالمنا الخاص بنا, هذا العالم ينعكس كالمرآة على عالمنا الخارجي الذي يتكون أيضاً من المواقف والأحداث والأشخاص والظروف, إن صح هدوء الداخل وتوازن أصبح الخارج أيضاً متوازناً وجيداً وصحيحاً.
يمر العالم بأزمة صحية وبإذن الله تكون مؤقتة ويذهب الغيم سريعاً لتهطل بعدها رحمة الله التي وسعت كل شيء, هذه الأزمة ستختبر الكل ما مدى الثقة في الله وما مدى التعامل مع هذه الأزمة, سنختبر معنى الخوف ومعنى التوكل على الله, وهناك فرق بين الخوف وترويع الآخرين وبين أخذ الحذر وحماية النفس قدر المستطاع دون بث الرعب بين الناس, هناك من يخاطبنا بالتحصين والدعاء وكيفية ضبط النفس والتصرف المناسب والصحيح فتطمئن قلوبنا وتهدئ أنفسنا, وهناك من يزيد الخوف والتهويل مما يجعلنا في حالة من الاضطراب والخوف وهذا للأسف ينشئ الفوضى والقلق بين الناس أكثر.
إذاً دورنا أن نوعي بعضنا بالتوكل على الله عز وجل ثم أخذ الاحتياطات في سلامتنا الصحية, وبث الحديث والكلام الطيب لأنفسنا وللآخرين لأنه عندما يعم الهدوء سوف تعم الحكمة في التعامل مع هذه الأزمة.
هناك قاعدة أساسية في الحياة كل شيء نركز عليه سوف نجذبه لنا ونوسع دائرته سواء كان بالإيجاب أو السلب, ودورنا اليوم أن نركز على جوانب الحياة الأخرى نعم نتخذ الإجراءات المعتادة في تجنب الأماكن المزدحمة, تقليل السفر خلال هذه الفترة, الاهتمام بالنظافة الشخصية, وأيضاً نركز على باقي الجوانب المهمة في الحياة كيف نعمل وننتج بهدوء دون التمسك بالخوف الذي يدمر طاقة الإنسان ويبدأ التوهم والقلق مما يؤثر على عملنا وإنتاجيتنا, نمارس حياتنا كالمعتاد هناك من يمارس الرياضة أو الاستمتاع مع العائلة فالحياة مستمرة طالما كل شيء تحت السيطرة بإذن الله.
أيضاً علينا مسؤولية في نظافة التعامل مع الأشياء التي نستخدمها ورميها في الأماكن المخصصة لها والتعامل أيضاً مع الأماكن التي نزورها بعدم رمي بقايا الطعام وتجنب تلويث المكان والمحافظة على نظافته, مسؤوليتنا أيضاً من يشعر أنه مرهق أو متعب فليبتعد عن الآخرين قدر الإمكان حتى لو كان تعبه بسيطاً وهذا من باب احترام صحة الآخرين لأن بعضهم يعاني من حرارة وزكام عادي لكنه ما زال يسلم على هذا وذاك دون احترام الآخرين والمحافظة على صحتهم وهذه مسؤوليتنا كلنا حتى في الأيام العادية وليس في وقت الأزمات.
ربما يخطر في بالنا سؤال كيف نتعامل مع هذه الأزمات؟
أولاً: دائما اتباع المصادر الرسمية وأخذ المعلومات الأساسية منها سواء معلومات تحذيرية أو معلومات صحية.
ثانياً: تجنب الدخول في مصيدة الإشاعات الوهمية التي تريد فقط ترويع الآمنين ولو فكرنا قليلاً ماذا سننتفع بالأحاديث السلبية والتخويفية ماذا نستفيد منها, أليس مزيدا من الخوف والهلع, إذاً لماذا ننساق في تحويل هذه الإشاعات والمساهمة فيها, المفترض أن تقف عندنا هنا وعمل حذف لها سريعاً وعدم الخوض في الوهم والتضليل.
ثالثاً: بث الطمأنينة والكلام الجيد بين الناس وكيفية التعامل مع هذه الأزمة في تروي وحذر وأخذ الاحتياطات المعروفة في السلامة الشخصية والصحية وهذه مسؤولية الجميع في المشاركة التي تبث روح الطمأنينة والاتكال على الله عز وجل.
رابعاً: تجنب السفر قدر الإمكان خلال هذه الفترة إلا للضرورة وهذا مساهمة منا لكل البشرية في حصار الأزمة الصحية ومساعدة كل من يحاول تقليل الخسائر الروحية قدر المستطاع.
خامساً: تجنب الأماكن المزدحمة قدر المستطاع وتخفيف الضغط عليها.
سادساً: ممارسة العادات الصحية في كل الأوقات ابتداء في الأكل والملابس والنظافة والوقاية قدر المستطاع.
سابعاً: ممارسة حياتنا الطبيعية مع أخذ الاحتياطات الضرورية لذلك والابتعاد عن التهويل وتكبير الأمور, فعندما نكون مستقرين نفسياً نستطيع أن نتصرف بتوازن ووعي أكبر في التعامل مع هذه الأزمة.
ثامناً: لابد أن ندرك كل موجة طلوع لها أيضاً موجة نزول وهذه من رحمة الله علينا جميعا لأن كل شيء يتغير ويتبدل لا شيء ثابت، بإذن الله سينحصر الوباء ويتقلص ويذهب من حيث أتى وهنا يأتي دور الثقة في الله وأنه على كل شيء قدير.
تاسعاً: هذه الأزمات تعلمنا أيضاً كيف نتعامل مع الطوارئ وكيف هي استعداداتنا المادية والوقائية والنفسية, وأيضاً هي وقفة صادقة مع النفس لمراجعة كل ما نقوم به كمسؤوليتنا ورسالتنا في الحياة مع أنفسنا ومع من حولنا أقرباء أو زملاء أو حتى أغراب.
عاشراً: لا يوجد صدف في الحياة كل شيء لقدر معين له رسالة, علينا استيعابها وكل منا له طريقته الخاصة في فهم ذلك حسب وعيه ودوره ورسالته.
إحدى عشر: أهمية القبول والتقبل تهيئنا للتقليل من التهويل والاستيعاب الجاد والمرن في نفس الوقت كيف نتصرف بهدوء وحكمة وبطريقة عملية وعلمية.
إضاءة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.