هالة الناصر
قد يعتبرني البعض أبالغ إن قلت بأنه ليس هناك شخص على وجه هذه الأرض لم يستفد درساً من اجتياح فايروس كورونا ومهاجمته لكوكب الأرض ولم يترك بشراً إلا وألقى في داخله الأفكار السوداء عن الموت وربما عن نهاية العالم، مهما كابرنا وادّعينا الشجاعة والتماسك فلا بد أن دخل لأنفسنا ولو هاجساً بسيطاً من قلق أو خوف من شراسة وخبث هذا الفايروس اللعين، بين لحظات تفاؤلك بأن الغالبية يتعافون من هذا الفايروس حتى بدون الذهاب للطبيب، بل إن بعضهم لا تظهر عليه أي أعراض وبين وفيات كل يوم تزداد أخبارها، حيرة غير مسبوقة لا تجعلك تستطيع أن تحسم أي نتيجة أو تصل لقرار معين تتصالح به مع نفسك، البشرية جمعاء تتشارك معك في حيرتك وقلقك، تكتشف بأن فكرة الحياة -من أساسها- لم تكن بتلك الفكرة التي كنت تعتقد بحجمها وضخامتها وهي التي قد يهدمها فايروس لا يرى بالعين المجردة أجبر دولاً ذات جيوش حربية مهيلة وصاحبة سفن حربية حاملة طائرات وتملك رؤوساً نووية تكفى لتدمير الكرة الأرضية أجبرها بأن تقفل أبوابها وتطلب من شعبها المكوث في منازلهم، وهذا أقصى ما تستطيع تقديمه لهم، يا الله ما أعظمك، أقوى دول في العالم لا تملك في مواجهة فايروس تافه سوى أن توصي شعبها بعزل أنفسهم في منازلهم وتعلّمهم كيف يغسلون أيديهم بشكل جيد! درس جديد من دروس الحياة لا يمكن لمن عايشه أن ينساه، لم يعد لك حلم مهم، أقصى أحلامك هو أن تتفادى لمس شيء أو مصافحة أحد قد ينقل لك هذا الفايروس اللعين، تلاشت كل الأحلام ولم يبق منها سوى حلم النجاة، وهو نفس الحلم البدائي الذي كان يبحث عنه الإنسان الأول للنجاة بنفسه من حيوانات الغابة المفترسة، لن تعود حياتنا كما كانت قبل فايروس كورونا، الدرس كان قاسياً وفهمه الجميع رغماً عنهم!