رمضان جريدي العنزي
التهريج حركات تمثيلية هزلية ساخرة مبالغ فيها، ليست بجدية، وفيها تشويش واضطراب وإضحاك. والمهرج يلبس أثناء عرض السيرك أشياء غريبة، وغير متناسقة، ويقوم بحركات بهلوانية لإضحاك الناس، بعدها يخلع ملابسه، ويعود لشخصيته الطبيعية. وهذا ما يحصل من قِبل مهرجي وسائل التواصل الاجتماعي؛ يلبسون الأقنعة المختلفة الملونة، ويتدثرون بأكثر من لباس من أجل الكسب والتربح واللهو والإضحاك وإضاعة الوقت، من غير فائدة ولا مردود. والمهرجون في وسائل التواصل الاجتماعي أصبحوا كثيرين ومتنوعين، في المجال الرياضي والاقتصادي والفني وغيره، ومستعدين تمامًا للاستهبال، وإظهار أنفسهم بطرق مهينة وغير لائقة؛ كي يحصلوا فقط على عدد كبير من المتابعين أو «لايكات». والأدهى والأمرّ أن هؤلاء المهرجين الجدد يحظون بأهمية كبيرة من قِبل القنوات التلفزيونية باستضافتهم ومحاورتهم والاحتفاء بهم، وكأن هؤلاء المهرجين أصبحوا أصحاب رأي وفكر وخبرة وتجربة. لا يمكننا إيقاف هؤلاء المهرجين، لكننا يمكن أن نحد منهم ونكافحهم كما نكافح الدخان وغيره من المضرات الصحية، ونحذر منهم بنفس الحدة والطريقة والأسلوب.
إنَّ التهريج المبتذل والرخيص صار ظاهرة، فيها من الملل والسأم والضياع الشيء الكثير. لقد شوه المهرجون الإعلامي الحقيقي، وأضاعوا رسالته النبيلة، وطمسوا هدفه الصحيح، وأورثوا للناس المرارة والأسى. إن علينا مسؤولية جماعية في مواجهة أضرارهم الناجمة عن أعمالهم القاصرة والرخيصة التي تتكاثر بشكل مرعب وخطير، وذلك بعدم الاهتمام والاحتفاء بهم وتشجيعهم وإعادة ما يطرحون، ونقدهم بشكل متكرر ولاذع حتى يعودوا إلى رشدهم، ويتوقفوا عن غيهم وأعمالهم الواهنة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
فيا أيها المهرجون توقفوا عن أعمالكم هذه؛ فقد وصلتم إلى مستوى غير لائق ولا يجوز، وأصبحت موضوعاتكم (بايخة)، لا تُدخل إلى النفوس السرور والحبور، ولا تشحن العقل بالمعرفة، والروح بالعافية.. وتذكروا أن العقلاء يلفظون كل تهريجكم الممل الذي لا قيمة له على الإطلاق؛ لأن طرحكم خالٍ من الدسم والحق والحقيقة، وبعيدٌ عن العقل والتعقل.