ناصر الصِرامي
استقبل البعض فيروس كورونا المستجد بالانكار والتفسيرات المختلفة بما فيها طبعًا المؤامراة، لكن المشهد الإقليمي والعالمي اليوم أقرب للخوف والترقب.
ولا أحد يمكن له إلا أن يتوقع الأسوأ ويتمنى الأفضل، أو هكذا يعمل مديرو الأزمات، وهكذا كانت الإجراءات السعودية الصارمة منذ نحو شهر بما فيها منع إيقاف العمرة، وما أعقبها من إجراءات التوقف لكل القطاعات الممكنة، ودقة التعامل والمعلومات حتى الساعة أمر ملفت في إدارة الأزمات، وتحديدًا في إدارة هذه الأزمة الكونية البشرية، حيث امتد الجهد السعودي المؤثر إلى دعم منظمة الصحة العالمية في مواجهة هذا الوباء العالمي، وباء لا يمكن لأحد أن يتوقع تطوراتها القادمة.
لم يعش العالم كله مباشرة في مواجهة عدو مشترك كما يحدث الآن في كل زوايا العالم وأركانه مع فيروس كورونا.
في مواجهة هذا الفيروس الشرس والسهل الانتقال، أصبح العالم جبهة واحدة يبحث أقصى درجات الوقاية ويفتش عن المصل الذي يحولها إلى فيروس خامل أو على الأقل غير قاتل!
لقد تغير العالم الذي نعرفه تمامًا، من أجل أن يصل العلم، ووحده العلم إلى الانتصار المأمول في مواجهة هذا الفيروس الذي انتشر في كل مكان على كوكبنا، غيَّر العالم سلوكه اليومي وحياته تمامًا للحد من انتشاره ومحاصرته، والأهم كسب الوقت حتى يقدم العلم ذروته عبر علاج ناجع، لتعود الحياة إلى طبيعتها... كما ندعو!
هذا هو الحل الأمثل، عفوًا، بل الحل الوحيد، العلم، وهذا تحديداً ما يفعله العالم. فقد تراجعت كل الخطابات الأيدلوجية والشعبوية وصناع الخرافة، وبقي العلم وحده في المقدمة يحلل ويبحث ويجرب، وصولاً لتحقيق الضربة القاضية والقاتلة لعدو البشرية «فيروس كورونا المتجدد»، فالعلماء الحقيقيون اليوم هم في جبهة المختبرات للحفاظ على بقاء البشرية.
توقف كل شيء تقريبًا في حياتنا، كل شيء أصيب بالشلل، أغلقت المدارس والجوامع والكنائيس والمطاعم والمشارب والمطارات والمكاتب وكل المناسبات والتجمعات.
صيدليات وتموينات وبعض محطات الوقود، ومكائن الصرافة هي المتاحة فقط، في كثير من دول العالم اليوم في بداية 2020!، صورة أقرب لخيال سينمائي تجعل البعص مرتبكًا أو غير مصدق لمشاهد وصور العالم اليوم، فالعالم يعزل نفسه، ويخور اقتصاده من أجل البقاء.
تجربة ستغير في الكثير من طرق تفكيرنا ورؤيتنا للأشياء، وستغير بالتأكيد الجميع، ولكن بطرق مختلفة، إلا أنها ستجعل البشرية أكثر التحامًا لبعض الوقت، وإعادة تقييم ثرواتهم لجانب العلاقات الإنسانية الاجتماعية.
الآن، وبعد أن طور العلم وبشكل سريع معامل اختبار متنقلة خاصة بهذا الفيروس، يقوم علماء البشرية الآن بالبحث عبر أكثر من جبهة عالمية عن دواء للحد من انتشاره وفاعليته، ثم القضاء عليه -بإذن الله..
وكل ما علينا الآن الالتزام بالتوجيهات الصحية الرسمية، والاستفادة الذكية فعلياً من زمن العزلة بالتنمية الذاتية خارجياً وداخلياً.
حفط الله الجميع.