إن الدور الذي تقوم به رابطة العالم الإسلامي في لم شمل كلمة المسلمين وخدمة الإسلام لا ينكره إلا من لا يعرف الرابطة، وإن ما تقوم به حاليًا من تقديم صورة معتدلة وسمحة وقيمة عن الإسلام يعد إنجازًا بكل المقاييس، فلقد استطاعت خلال فترة وجيزة في عهد أمينها العام معالي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى إظهار الصورة الحقيقة للإسلام المعتدل الوسطي الذي يقبل بالآخر والتعامل معه من منطلق الإخوة في الإنسانية، واستطاعت أن توصل رسالة مهمة ومفيدة للعالم وهي (أن الإسلام الحقيقي يكمن في السلم والأمن والأمان والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة).
وإن ما تقوم به رابطة العالم الإسلامي هو الصورة الحقيقية التي جاء بها الإسلام المتسم بالسلام والرحمة والوسطية، فهي تهدف إلى تحقيق الغاية الأسمى للرسالة المحمدية وهي المتحققة في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَة لّلْعَالَمِينَ}، وتقوم على الحوار والجدال الحسن الوارد في قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، والمعتمدة على الاستقلالية المضمنة في قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، والقائم كذلك على الوسطية والاعتدال الموضحة في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا}، وقد كان عليه الصلاة والسلام يختار من الأمور أوسطها.
إن الرابطة وهي ترسم الصورة المثالية للإسلام تعلن للعالم أجمع أن هذا هو نهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، فهم من قدموا النموذج الأرقى للمسلم الحقيقي وما ينبغي أن يكون عليه المسلم، فقد كانوا دعاة رحمة، ولم يختاروا حمل السيف إلا لغاية واحدة وهي تعميم هذه الرحمة على العباد أجمع حتى قال قائلهم (أتينا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام) ولم يكن حمله محمولاً على السيطرة والتسلط والاستبداد، وهذا هو خلق الإسلام الرفيع.
حقيقة لقد أدهشتني الصورة التي جمعت بأمين عام الرابطة ومن معه من كبار علماء المسلمين بعدة شخصيات من أتباع الأديان الأخرى، وهم يقومون بزيارة للأماكن التي وقعت بها الإبادة الجماعية للمسلمين، وكأنها تريد أن توصل رسالة مشفرة وصامتة للعالم الذي ينشر مفهوم (الإسلامفوبيا) أن الإرهاب لا يكمن في الإسلام، بقدر ما يكمن هنا وهناك، وهذه الرسالة تأتي بذكاء بالغ وفي وقت مناسب لا يدركه إلا المبصرون والمفكرون بأمور الدنيا والحياة.
برأيي الشخصي المتواضع أن الكثير من المسلمين في شتى بقاع الأرض يرون أن الرابطة هي الهيئة التي يمكنها توثيق الروابط والعرى بين أتباع الأديان، وأنها الهيئة التي بمقدورها أن تمثل الإسلام الوسطي المعتدل القائم على احترام الذات والقبول بالآخر وفق مبدأ لا إكراه في الدين، والإخوة الإنسانية أمر لا يستهان بها.
ختامًا أن الرابطة وهي تمثل الوجه الحضاري والمعتدل للإسلام ينبغي أن نقف نحن جميعًا في صف واحد خلف هذه المنظمة التي تعالج ما أفسده الآخرون، وتنقل الصورة المثلى للإسلام والمسلمين التي تأثرت بفعل الحركات والجماعات الإرهابية التي ما فتئت تقتل يمينًا وشمالاً حتى المسلمين أنفسهم لم يسلموا منها في الكثير من الدول الإسلامية وغيرها من الدول الأخرى، ولا أنسى هنا أن أذكر بالدعم السخي واللا محدود الذي يقدمه خادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين للرابطة الذي بفضله بعد الله وصلت إلى العالمية مرة أخرى.
ختامًا: ندعو الله أن يحفظ المسلمين في كل أصقاع الأرض وأن يديم التعايش والتآخي بين المسلمين وأتباع الأديان وبالله التوفيق.