م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. التاريخ لا يعيد نفسه لكنه قد يتشابه في بعض منعطفاته.. مع اختلافات في التفاصيل.
2. هناك من يرى أن إيران تتشابه مع فرنسا إبان حكم «نابليون» مع مطلع القرن الثامن عشر ..حيث أرادت تصدير الأفكار النابليونية إلى شتى بقاع العالم.. وحاولت احتلال العالم من أجل تحقيق هذا الهدف.. والحقيقة أنه لا تشابه بين الحالتين إلا فيما يتعلق بتصدير الثورة.. وإلا فإن حروب نابليون كانت ذات أفكار تقدمية في وقتها.. بينما ثورة إيران ذات أفكار متخلفة.. وإذا كان هناك من تشابه فقد يكون في حالة الانكفاء التي ستصيب إيران كما أصابت فرنسا.. حينما اكتشف الفرنسيون التكلفة باهظة الثمن لتصدير أفكارهم الأيديولوجية.
3. الفرنسيون اكتشفوا الخطأ الكارثي الذي جرهم إليه نابليون بتطلعاته فنفوه إلى خارج فرنسا.. أما رجال الدين الإيرانيين فقد ركبوا موجة نظرية المؤامرة العتيقة وهي أن الأمريكان تحديداً يحاربونهم.. ويستذكرون سقوط حركة «مصدق» في خمسينيات القرن الماضي.. ويغفلون أن حركة «مصدق» سقطت بفعل رجال الدين أنفسهم الذين أثاروا العوام على «مصدق» بزعم أنه شيوعي.
4. لم تكن هتافات: (الموت لأمريكا) سوى محاولات لتعمية المجتمع الإيراني عمَّا اقترفه بحقهم حكم رجال الدين خلال الأربعين عاماً الماضية.. فلا يمكن رؤية سوى الخسائر الفادحة التي حصلت للشعوب والمجتمعات القاطنة على الأرض الفارسية.. فلم تكن هناك تنمية، بل إعدامات وقمع.. ومحاولة محو ثقافات الشعوب غير الفارسية من عرب وتركمان وبلوش وأكراد.
5. لم يعد المجتمع الإيراني مجتمعاً متمدناً، بل أصبح متخلفاً غيبي التفكير.. ووصل اقتصاده إلى الحضيض.. مما دفع شبابهم إلى الهجرة في حالة من الفرار الجماعي.. أما التصحّر الثقافي الذي تعيشه إيران اليوم فهو حالة ارتدادية.. فقد انتقل هذا المجتمع المتمدن في عهد الشاه إلى مجتمع منغلق متخلف ثقافياً ومدنياً وعلمياً.. أصبح مجتمعاً مؤمناً بالخرافات والأساطير.
6. عملت إيران في الدول العربية (وبالذات التي احتلتها) على إثارة الكراهية تجاه المختلف في الرأي أو المذهب أو العرق.. وأحيت العداءات التاريخية بين فئات المجتمع الواحد.. ووجهت الأقليات نحو العداء تجاه الأكثرية.. وأورثت المجتمع عداءات جديدة وأسست لثارات مؤجّلة.. هناك من يراها حرباً مذهبية شيعية بحتة.. وهناك من يراها عِرْقية قُصد بها تفجير الأوضاع وإثارة القلاقل داخل المجتمعات العربية تحديداً.. انتقاماً لمعركة القادسية التي دمرت الحضارة الفارسية.