ياسر صالح البهيجان
* التدابير الوقائية التي اتخذتها المملكة لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد منذ اكتشاف حالة الإصابة الأولى تبرهن على حنكة حكومتنا وحرصها على سلامة المواطنين والمقيمين، وهي التي كان لها دور بارز في تسجيل حالات أقل مقارنة بالأرقام التي سجلتها دول مجاورة أصغر حجمًا وأقل في تعداد السكان. الأزمات تحتاج إلى قرار سريع وجريء يحفظ سلامة الإنسان دون أي اعتبارات أخرى، وهذا ما حدث تمامًا.
* * *
* القرار الأكثر جرأة وإيجابية تمثَّل في تعليق العمرة وتأشيرات زيارة أطهر بقعتين لدى المسلمين وهما مكة المكرمة والمدينة المنورة، دون الالتفات لأي أقاويل أو تهجمات غير نزيهة من أطراف مغرضة تلهث خلف مصالحها الدنيئة دون مراعاة الظرف الراهن. أجزم بأن القرار جنَّب البشرية كارثة صحية غير مسبوقة. لكم أن تتخيلوا لو أن العمرة وزيارة مسجد رسول الله لا تزال مفتوحة وتستقبل مئات الآلاف من الزائرين يوميًا، وشاء الله أن يوجد بينهم من يحمل الفيروس، حتمًا سنصبح على وضع مأساوي يفقد حكومات العالم السيطرة ويحرمها إمكانية الحد من انتشار الفيروس.
* * *
* إعفاء من زاروا إيران خلال الأسابيع الماضية من العقوبات لفتة تؤكِّد موقف قيادتنا الإنساني واهتمامها بمواطنيها حتى أولئك الذين خالفوا الأنظمة والتعليمات. وهي رسالة واضحة ترد على من يشكك بأن ثمة تمييزاً يُمارس ضد الشيعة السعوديين. هم مواطنون قبل أي شيء آخر، ويتمتعون بكافة الامتيازات مثل غيرهم، ولهم ذات الحقوق وعليهم نفس الواجبات. ولعل ما جرى من موقف القيادة الحكيم يكون درسًا لمن وجد في البلدان المحظورة التي لا يأتي منها إلا الشرور والآفات.
* * *
* توضيحات وزارة الصحة وتعاملها مع حالات الإصابة بالفيروس احترافي ومواكب لحجم الحدث، وحملاتها الإرشادية والوقائية عزَّزت من مستوى طمأنينة المجتمع. مبدأ الشفافية ضروري في مثل هذه المواقف، وساهم بشكل مباشرة في قطع الطرق أمام الشائعات المثيرة للرعب، دون أن ننسى جهود النيابة العامة في التحذير من نشر المعلومات غير الدقيقة عن الفيروس المستجد، وإيضاحها للعقوبات المنصوص عليها نظامًا.
* * *
* تفاعل مختلف الجهات الحكومية والخاصة مع التوجيهات العليا في رفع مستويات التدابير الوقائية شكل علامة فارقة في سيطرتنا على الفيروس. عُلِّقت الدراسة، وحُظر الحضور الجماهيري للمباريات، وأُلغيت العديد المهرجانات والمعارض والفعاليات في مشهد يشير إلى كفاءة في إدارة الأزمات. المجتمعات تنجو مما يهدِّد سلامتها بالتكاتف والتكامل واليد الواحدة. شكَّلنا جميعنا جبهة قوية خلف قيادتنا في مواجهة الفيروس، وأتت النتائج مبشِّرة وباعثة على التفاؤل بالنظر إلى الإحصاءات وتدني أعداد الحالات المصابة.
* * *
* الوعي المجتمعي يبقى حجر الزاوية في أوقات الأزمات. لدينا مجتمع مثقف ومسؤول، لذلك رأينا التزامًا واضحًا في تجنّب الأماكن المزدحمة، واستخدامًا كثيفًا للمعقمات والكمامات، ومتابعة دقيقة للتطورات من خلال مصادرها الرسمية. كل ذلك وأكثر سيسهم -بمشيئة الله - في وصولنا إلى بر الأمان، وأجزم بأن ما جرى في بلدنا من إجراءات سيكون نموذجًا عالميًا في التعامل مع المواقف الحرجة التي تهدِّد سلامة البشر.