عبدالعزيز السماري
لأسباب غير مفهومة بالنسبة لي تسقط أسواق الأسهم في صورة درامية، وفي توقيت متقارب، وكأن قراراً ما قد تم اتخاذه، بينما لا تشهد الأشياء الأخرى مثل العقار والبضائع بمختلف أصنافها هذا السيناريو المروّع للسقوط، وهو ما يرفع الأسئلة عن حالة أسواق الأسهم، وهل نحن نتعامل مع وضع شاذ تحكمه قوانين مختلفة مثل المراهنة وارتفاع المخاطر أم تلك من طبائع الأشياء في حياة البشر..
عادة ما يتوجه السقوط إلى القاع في أسرع وقت، في أشبه بالغزوة التي تبحث عن الغنيمة قبل أن يستيقظ الآمنون من طمأنينتهم، وكأنهم يحصدون ثمارًا قد أينعت، وهي ما تزرعه البنوك في عملية رفع المخاطر من خلال تقديم إقراض مضاعف ومحفوف بالمخاطر لشراء الأسهم، وهي طريقة لإثارة لعاب الطماعين، والذي يعتقدون أنها الطريق الأقصر نحو الثراء الفاحش، بينما هي في حقيقة الأمر أكبر عملية لاصطياد الأموال، ولو تم توقيف مثل هذه العمليات وتحولت ملكية الأسهم إلى عملية شراء بدون مخاطر لتوقف السقوط عند حدود معقولة..
من أجل أن ترى الصورة كاملة في الفيلم المروِّع، ستجد أن المخرج يجعل من بعض الأسهم تسير في اتجاه معاكس، وقد تحصد نسب أعلى، بينما الأسهم الأخرى تسقط في اتجاه القاع، وكأنه بذلك يختار بعض الناجيين، مثل أفلام الرعب، وذلك من أجل أن يبقى بعض الأمل عند المساهمين المغلوب على أمرهم.
لن تكون المرة الأخيرة، وسيستمر هذا السيناريو المروّع لتصفية الأرباح، وسيقوم البنك بدوره في بيع أسهم المساهم الطماع بأرخص الأثمان لضمان حقوقه، ولهذا السبب على وجه التحديد، يختلف سلوك الأسهم عن الأشياء الأخرى، لأنها لا تتوفر فيها الملكية الخالصة في معاملاتها، والسبب عمليات المخاطرة أو الشراء بالهامش، لكن من الذي قرع الجرس لبدء عملية الحصار المرير..
الهامش هو المال المقترض من بنك أو شركة وساطة لشراء استثمار، وهو الفرق بين القيمة الإجمالية للأوراق المالية المحتفظ بها في حساب المستثمر ومبلغ القرض من الوسيط، والشراء بالهامش هو اقتراض المال لشراء الأوراق المالية. تتضمن الممارسة شراء أصل، حيث يدفع المشتري نسبة مئوية فقط من قيمة الأصل ويقترض الباقي من البنك أو السمسار. الوسيط بمثابة مقرض والأوراق المالية في حساب المستثمر بمثابة ضمانات.
في السقوط أو في أيام الحصاد ينتظر المساهم الطماع مكالمة الهامش والضغط عليه لصيانة ملكيته الهشَّة للأسهم، وإلا تُباع في المزاد، بدون الرجوع إليه، وهي في حقيقة الأمر غزوة أشبه بالغزوات في عصور خلت، والغنيمة «أموال قروض الهامش» أو «المارجن»، والضحية المساهم الطماع، ولو تم إيقاف مثل هذه العمليات لتحوّلت الأسهم إلى سوق مثل الأسواق الأخرى، يتأثر، ولكن لا ينهار خلال أيام إلى القاع..