عبدالعزيز محمد السعد العجلان
الحقيقة تتصدر عندما تشرق الشمس، هذا قول لا يحتاج لإيضاح، ما يحتاج لإيضاح حين نقول إن السلبية تأتي أحياناً ومعها مصداقية لا تقبل الجدل، وهذه حقيقة لا بدّ من إيضاحها والحديث عنها، وبعيداً عن نظرية المؤامرة أو غيرها، وبعيداً عن المجاملة لأن الحقيقة اليوم هي ما ترى وليس ما تسمع.
فيروس كورنا أو لنقول وباء العصر كورونا حمل معه شهادة ناصعة البياض دامغة؛ وحقيقة تم إثباتها واقعاً وليس قولاً دون تطبيل أو تفخيم أو مبالغة، ورغم أن إعلامنا وحتى الإعلام الدولي بشكل عام المليء بالصخب والتهويل والنوايا الخفية لم يبرزا ما قامت به السعودية من خطوات لمواجهة هذا الوباء سواء من تجهيزات ميدانية أو نشر توعوي أو خطوات استباقية، وليس فقط داخل حدود المملكة، بل بانعكاسات خارجية من دعم لمنظمة الصحة العالمية أو من مساعدات للدول التي تفشى فيها الوباء كالصين.
نعم هذه واقعة غير مسبوقة ويمكن القول إنها غير متوقعة في ظل تخبط إعلامي رسمي للدول التي ظهر فيها كورونا، وفي ظل محيط كبير اسمه السوشيال ميديا، قبل شهر من الآن لم يكن العالم يعي جدياً حقيقة خطورة انتشار هذا الوباء وآثاره السلبية، حتى المختصون من أهل العلم كانوا في حديثهم يخففون من حدة الخوف، لعل النوايا عدم نشر الهلع وبث الرعب، لكن حين تصل الأمور إلى مراحل متقدمة وخطيرة فإن الخوف سلاح يضمن بأن الجميع يلتزمون بالتعليمات.
ورغم أن بعض الدول التي تفشى فيها الوباء تعد من الدول المتقدمة علمياً وصحيا إلا أن المنظومة العالمية في بداية الأمر لم تعطِ فيروس كورونا تلك الأهمية التي تعاملت بها حكومة خادم الحرمين الشريفين، هدوء استطلاع، خطوات مرتبة ومتصاعدة بشكل دقيق.. إيطاليا وأمريكا وبعض دول أوروبا كانت تتخبط، وهنالك دول أخرى مارست الخداع بالتباهي بأنها تخلو من كورونا كأنه نصر سياسي، ودول أخرى (دولة) فغرت فاهها وظلمت شعبها وأصبحت عبئاً وبلاء على جيرانها ومحيطها، والحديث هنا بكل وضوح ودون تجني عن إيران، وليس بأمر غريب ولا جديد بما نعرفه عن إيران ما قامت به في ذروة معركة كورونا، وتلك الثقة الغبية المطلقة بالخديعة الكبرى بأن أضرحة الأولياء كما يزعمون وحجارة القبور وبركات الأئمة والمعممين هي من تشفي وهي من تمنع فيروس كورونا، واليوم وقد حدث ما حدث في إيران نسأل هل غضب الأولياء والأئمة منكم يا من تدورون في فلك طهران وحكامها!!!.
من هذا السياق حمل كورونا بكل سلبياته تجربة السعودية مقارنة بما حدث في إيران التي ومن معها كانوا يطالبون بأن يكون لهم دور في إدارة شئون الحرمين والحج والعمرة (سبحان الله)، وإن كان الأجدر بنا الحديث عما قامت به السعودية وليس ما قامت به إيران، ولكن المنهج العلمي يقتضي أن نذكر الفعل ونقيضه، وهنا أيضاً لا بدّ وبكل ثبات وثقة وفخر واعتزاز، بأن نرفع العقال ولسان الحمد والشكر لله يتملكنا لصاحب السمو الملكي ولي العهد محمد بن سلمان، الذي قاد ويقود هذه الأزمة بكل تداعياتها سواء الصحية أو الاقتصادية أو السياسية.. وكلنا ثقة بأنه يتحرك بتوجيهات مباشرة ومتابعة حثيثة من ملكة الخبرة والحكمة خادم الحرمين الشريفين -يحفظهم الله-، وكذلك بالفريق الحكومي من شباب الوطن المتولي لزمام إدارة الأمور ومواجهة الأزمات.
لا شك وبكل ثقة بأن قرار السعودية بإغلاق الحرمين الشريفين ومنع العمرة حتى إشعار آخر، وما صاحب ذلك من عمل ممنهج في التعقيم والتنظيف، إنما هو قرار جريء خدمت به العالم كله، قرار لا يقدّر بثمن بأن تغلق أقدس بقاع الأرض وأكثرها ازدحاماً، رغم كل ما أشيع وأثير من تعليقات وردود أفعال المغرضين الحاقدين.. إلا أن هذا القرار إنما خدم الإنسانية كلها وأكد القيمة الأسمى في عقيدتنا الإسلامية بأن الإنسان كل الإنسان هو الأغلى والأثمن، ولو لم تفعل ذلك فلكم أن تتخيلوا كم سيكون عدد الزائرين والمعتمرين من كل بقاع الأرض، ومعهم من الداخل من مواطنين ومقيمين، خاصة في مثل هكذا الظروف فإن المشاعر الدينية دائماً ما تسيطر على عقليات وقلوب بسطاء الناس وعامتهم.
شكراً أبناء وطني جميعاً، وأخص بالذكر أبطال وزارة الصحة وأعضاء مركز الطوارئ وإدارة الأزمات وكل أجهزة الدولة الرسمية.. شكراً لقائدهم الشاب صاحب السمو ولي العهد وجزاك الله عنا كل خير، ومؤكداً ومحذراً ومنبهاً الجميع بضرورة الالتزام بالتعليمات ومتابعتها من مصدرها الرسمي فقط.. فاليوم المطلوب من المواطن الارتقاء إلى مستوى الدولة في الاحترافية والالتزام ليتم في النهاية -بإذن الله ورحمته- وبعد التوكل عليه ثم العمل بالأسباب نصل إلى نهاية سعيدة.. وأهم شيء التخفيف والإقلال بل منع التجمعات والزيارات غير الضرورية وغير اللازمة؛ وتوعية الأسرة وخاصة الصغار والعاملين بالمنزل أو العمل.
وان جاز الشكر فبعض منه لفيروس كورونا هذا المخلوق الضعيف في ذاته المميت في حضوره، فلقد أثبت حقائق وهدم ادعاءات وباطل وتزيف، لأنه في حضوره وظهوره بيّن للعالم كله من هي الدول وشعوبها التي تقف في الشمس وتسعى لخير الإنسانية، ومن هي تلك الدول التي ينطبق عليها الوصف العلمي: ما بني على باطل فهو باطل.