د. محمد عبدالله الخازم
ضمن النماذج الطبية الحديثة في المملكة التي أسست وقام تشغيلها على كوادر قيادية وطبية سعودية يفتخر بها تأتي مدينة الملك فهد الطبية وتخصصي الدمام ومستشفى الملك عبدالله الجامعي ومدينة الملك عبدالله الطبية ومثلها مؤسسات طبية أهلية متميزة. طبعاً النماذج الأكبر إدارتها سعودية لكن تأسيسها كان له طبيعة مختلفة بحكم زمن تأسيسها. تلك النماذج تؤكد توفر القدرات والكوادر المتميزة التي يمكنها أن تبدع متى مُنحت الفرصة ودُعمت بالشكل المطلوب. وتجعلنا نمنح الثقة للقدرات المحلية، وتجاوز فكرة تشغيل وإدارة المستشفيات عن طريق شركات تجارية أو استقدام جهات خارجية للتشغيل، بل إنه بمقارنة الكلفة التشغيلية مقابل الإنجاز والخدمة يمكن القول إن تلك النماذج تجاوزت ما يقدِّمه مستشفى أرامكو الذي أوكل لجهة أجنبية لإدارته فلم يعد سوى مركزاً طبياً صغيراً يخدم فئة محدودة من منسوبي أرامكو والبقية يتم التامين عليهم لدى القطاع الصحي الأهلي!
أستحضر ذلك وأنا شاهد على ترنّح مستشفى الأمير فيصل بن فهد للطب الرياضي عبر السنين، فقد أوقفت عن الكتابة عام 1996م تقريباً بعد مقال عن ذلك المستشفى (كنت كاتباً في المجال الرياضي حينها) لأنه لم يرق لمسؤولي رعاية الشباب حينها نقد المستشفى لأسباب يصعب التوسع فيها هنا. كرَّرت الكتابة عنه وظل يزداد سوءاً، ونفس الأشخاص الذين اتهموني بالتجني قبل عشرين عاماً استمروا في الدفاع عنه. البعض يراه تحول إلى مستوصف لمنسوبي رعاية الشباب وذويهم في فترة ما، حيث تم الخلط بين كونه مستشفى للرياضيين أو لرعاية الشباب!
هذا المقال مكرر، لكنني أعيده مع إحداث وزارة للرياضة، لعل سمو وزيرها يلتفت لهذا المستشفى الذي لا يتوازى في أدائه مع ما وصلته الرياضة السعودية من تقدّم واحترافية وتميّز. نجري أعقد عمليات القلب وزراعة الكبد ونعالج الأورام وكافة الأمراض، ويتعالج لدينا رؤساء دول، بينما يذهب اللاعبون للخارج لمراجعات وعمليات لإصابات رياضية ليست معقدة. سمو الأمير لدينا كفاءات متميزة في مجال القيادة الصحية وفي مجال الطب الرياضي والإصابات والتأهيل قادرة على إدارته، لكنها أبعدت أو لم تستقطب لإصلاح وضع مستشفى الطب الرياضي الذي يفترض أن يكون لدينا أكثر من نموذج منه. أرجو استقطاب فريق من العاملين الخبراء في تأسيس برامج المستشفيات الحديثة وفي الطب الرياضي - من خارج المستشفى ووزارة الرياضة مع التقدير لهم- لتقييم وضع المستشفى وتقديم دراسة وافية عن بنيته التحتية وماذا يحتاج ليعود متميزاً، وبعد ذلك اتخاذ القرار الأمثل لتشغيله. ربما يكون مناسباً السعي مع وزارة المالية لوضع برنامج تشغيل ذاتي مناسب للمستشفى وفقاً لمعايير البرامج التشغيلية المخصصة لمدينة الملك فهد الطبية أو مستشفى الملك خالد للعيون أو مدينة الملك عبدالعزيز الطبية، وغيرها من القطاعات المشار إليها أعلاه.
الكوادر الوطنية متوفرة مع دعمها بما يسمح لها بالتعاقد والتعاون مع مراكز طبية عالمية متخصصة فيما تحتاجه من دعم فني متقدِّم. جميع القطاعات الطبية المتقدِّمة تستعين بكفاءات وخبرات أجنبية في أعمالها التخصصية والمتقدِّمة. وزارة الرياضة ليست متخصصة وربما يكون مناسباً، دراسة فكرة نقل مرجعية المستشفى ليكون تابعاً لوزارة الصحة أو إحدى المؤسسات الطبية المتقدِّمة.