د. أحمد الفراج
عبر التاريخ السياسي لأمريكا، فاز خمسة رؤساء برئاسة الإمبراطورية الأمريكية، رغم أنهم لم يحصلوا على أغلبية أصوات الشعب، وذلك في الانتخابات الرئاسية لأعوام 1824 و1876 و1888 وعام 2000، ثم تكرَّر ذلك في انتخابات عام 2016، عندما فاز دونالد ترمب، رغم أن هيلاري كلينتون هي من فاز بغالبية الأصوات، وهذا بالطبع بسبب أن الشعب الأمريكي لا يصوت لانتخاب الرئيس مباشرة، بل يصوت لأعضاء المجمع الانتخابي، الذين يبلغ عددهم 538، ويمثِّلون الولايات الخمسين، ولا يزال الجدل مستمراً، منذ زمن طويل، عن مدى ملاءمة هذا النظام الديمقراطي، خصوصاً مع إمكانية فوز مرشح بالرئاسة، دون أن يحصل على غالبية أصوات الشعب. هذا، ولكن الآباء المؤسسون للولايات المتحدة، وهم من النخب الفكرية حينها، كانت لهم رؤية، عندما اقترحوا هذا النظام العجيب والفريد، والذي لا يزال يطبَّق حتى اليوم، رغم وجود معارضات شديدة له، من بعض أطياف النخب الأمريكية.
المؤيِّدون لنظام تحديد الفائز برئاسة أمريكا، عن طريق المجمع الانتخابي، لا عن طريق الأصوات الشعبية، ومنهم الآباء المؤسسون، يعتقدون بعدالة هذا النظام للولايات الصغيرة، إذ لو كان تحديد الفائز بالرئاسة يتم عن طريق الأصوات الشعبية فقط، لما أصبح للولايات الصغيرة رأي في هوية الفائز، إذ سيركِّز المرشحون على الولايات الكبيرة، التي يقطنها عشرات الملايين، مثل كاليفورنيا، 36 مليون، وتكساس، 26 مليون، ونيويورك، وفلوريدا، حوالي 20 مليون في كل منهما، وسيتجاهل المرشحون ولايات لا يتجاوز عدد سكانها المليون، مثل ديلاوير، ووايومنق، وشمال داكوتا، وجنوب داكوتا، وفيرمونت، وبالتالي فإن تحديد الفائز بالرئاسة عن طريق المجمع الانتخابي، يجعل كل الولايات مهمة، صغيرها وكبيرها، لأن كل ولاية لها ممثِّلون في المجمع الانتخابي، حسب عدد سكانها، إذ بإمكان ولاية صغيرة جداً، مثل وايومنق، أن تصنع الفارق، في سباق رئاسي متقارب جداً، إذ إن لديها 3 أصوات في المجمع الانتخابي.
ولنختم بمعلومة مهمة للغاية، فالانتخابات التي تجرى في شهر نوفمبر تحدِّد الفائز مبدئياً فقط! ولا يصبح المرشح المنتخب رئيساً بشكل رسمي، إلا بعد تصويت أعضاء المجمع الانتخابي بعدها بشهر، ولنتذكَّر أن بإمكان أعضاء المجمع الانتخابي أن يصوتوا كما يريدون، وضد رغبة الشعب، ولكن هذا لم يسبق أن حدث، ولكن من الممكن عملياً وقانونياً أن يحدث!