د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
• يجدر بنا في كل قراءة حول وباء [الكورونا] أن نجزل الثناء للجهود الاستباقية النابضة بالمسئولية التي أدارتْ بها بلادنا واقع الوقاية وسبل العلاج عندما حل وباء [الكورونا] عالمياً، ونبارك لبلادنا وقيادتنا الرشيدة الرصيد من النجاحات التي تنير الطريق نحو تحصين بلادنا من ذلك الوباء الذي لبس صفة العالمية في وجيز من الزمن، فالسياسات التنظيمية والإجراءات التنفيذية والعلاجية التي قامت بها وزارة الصحة والجهات الخدمية الأخرى في بلادنا لاحتواء الأزمة كانت وما زالت أوسمة وطنية حُبكت باقتدار، كما أن هناك اصطفافا جديرا لافتا فكان المجتمع المحلي منهمرا في مشاعره نحو المواقع التي ظهرت فيها حالات الوباء، وهناك تآزر مسموع ومكتوب رصدته وسائط التواصل المجتمعي على أوسع نطاق تضيئه وشائج اللحمة الوطنية التي تستوطن رواق بلادنا بفضل من الله ثم الحكم الرشيد الذي ننهل من معينه، فالوباء حتما يشكل خطورة في المجتمعات على المستوى المحلي والعالمي؛ كما فتق كثيرا من الأزمات في كل الدول التي اقتنص هدوءها وانسيابية الحياة فيها، كورونا اليوم هو موديل جديد من الفيروسات تم تدشينه في بلاد الصين؛ ومن ثم تغلغل إلى جل أنحاء العالم فكان ضبط حركة الاتصال المباشر وغير المباشر مع المجتمعات الموبوءة خطوة لازمة في بناء حائط الحماية من العدوى الفيروسية التي تنتهك خصوصية الأجساد وقد تعطلتْ وظائفها وأنهكتْ جهاز المناعة وربما أصابت الجهاز التنفسي في مقتل كما أوضح ذلك ذوو الاختصاص؛ وقد تحفز العالم بأسره لمواجهة هذه السلالات الفيروسية الجديدة، واتخذتْ وزارة الصحة الناهضة في عهدنا الجديد جملة من الإجراءات الاحترازية، وأعدت الوزارة للأمر عدته، وكانت التوجيهات السامية الكريمة خط دفاع قويا حيث كان التنسيق في أوجه بين قطاعات الدولة ذات الصلة لمحاصرة الوباء؛ وتصدرت بلادنا دول العالم وهي تدعم جهود منظمات الصحة العالمية بملايين الدولارات للإسهام في جهود مكافحة انتشار الوباء عالميا، وتم في بلادنا تطبيق الحجر الصحي وعزل المصابين ومنع دخولهم لمواقع ظهور الوباء كما حدث في مدينة القطيف، والحجر الصحي تردفه مستويات وقائية عديدة في النقل العام والمدارس حيث التواجد الأكبر في الأوقات ذاتها والتجمعات العلمية للمؤتمرات والطروحات المنبرية ذات الكثافة في الحضور والمطارات والركاب القادمين خلالها.
وتلك قواعد احترازية وجه إليها الدين الحنيف عندما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها) رواه البخاري ومسلم.
وفي هذه الأزمة التي سوف تنقشع -بإذن الله- تحتاج بلادنا إلى تفعيل منصات التطوع من الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني في الاختصاصات التي يتطلبها الواقع تتصدرها التوعية الصحية الشاملة ضد مسببات الوباء ومنافذ ولوجه، فهناك أعداد من طلاب التثقيف الصحي خاصة والمجالات الإسعافية والطبية عامة؛ نأمل أن تتاح الفرصة لهم للإسهام والحضور الإيجابي في جهود القطاعات الصحية الوقائية والعلاجية، وذلك بفتح منصة إلكترونية لهم على موقع وزارة الصحة للتسجيل لتقديم الخدمة وفق آلية دقيقة ومقننة تضعها وزارة الصحة؛ أعلاها المشاركة المباشرة في توعية المواطنين والمقيمين للاحتراز من تفشي الفيروس في مظان التجمعات مثل المساجد والمولات والأسواق التموينية والمطارات من منطلق الوقاية الاستباقية؛ كما يمكن الاستفادة المباشرة من المتطوعين ذوي الاختصاص في تقديم الخدمات الطبية العلاجية.
كما نأمل أن يكون العقل السعودي الزاخر بالمعرفة المتخصصة حول الفيروسات والأدوية والمناعة حاضرا في المعامل والمختبرات في أعلى مستوياتها لعل هناك برقا ورعدا للقضاء على فيروس الكورونا بوجهها الجديد يخرج من معامل السعودية ليكون مصلا للشفاء وسببا بعد توفيق الله، ومن منطلق الوقاية خير من العلاج نحتاج وقد أشرقت منصاتنا في عهودها الجديدة، نحتاج إلى استراتيجية عميقة لمواجهة الأوبئة؛ وإلى تحقيق ثقافة الوقاية على مستوى الأفراد والأسر والمجتمعات من خلال استقطاب الطلاب للمعرفة الأكاديمية في المجالات الوقائية المستدامة وهي مسرد غزير يتشكل نسيجها من المجتمع وبيئاته.
حكمة، الوقاية بداية المقاومة الصحية.