فوزية الشهري
فايروس كورونا ظهر قبل عدة أشهر بالصين وبعدها جاءنا خبر انتقاله إلى دول العالم بسرعة شديدة، وقد سارعت دول العالم لتضييق الخناق على الفايروس للحد من انتشاره. ولا يخفى علينا أن بعض الدول التزمت الصمت بالنسبة لإصابة مواطنيها بهذا الفايروس وهي بذلك تتصرَّف بعدم وعي واستخفاف بصحة مواطنيها وساعدت ببقائه فترة أطول وانتشار أكثر وأخطر.
المهم بالنسبة لي هو الموقف السعودي الذي اتسم بالشفافية والوضوح والحرص على سلامة المواطن والمقيم على أراضيها، وقد خصصت لجنة مكونة من (13) وزارة يرأسها وزير الصحة لمتابعة الوضع الصحي لفايروس كورونا وخصصت رقماً للاتصال المباشر وهو (937) للاستفسار بشأن الفايروس وشاركت معلوماتها التوعوية في كل الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ مكثّف لرفع مستوى الوعي، واعتمدت أعلى البروتوكولات الطبية المطبقة لجعل فايروس كورونا في الحد الأدنى. صاحب كل هذه الجهود خطوات احترازية استباقية مثل تعليق الدراسة ومنع السفر إلى بعض الدول، وكذلك إيقاف العمرة، السعودية تدير الأزمة باحترافية، وبإذن الله في القريب العاجل سوف نعلن عن اجتياز الأزمة.
ما أصابني بالإحباط في هذه الفترة هو كثرة الشائعات والوصفات التي يتم تناقلها بالواتس أب ذلك التطبيق الذي أعتبره أكبر ناقل للإشاعات، كم هو محزن مع هذه الجهود الجبارة أن نجد من يروِّج لخلطة أم محمد وليمون أبو طارق وبخور أم سالم والمصيبة الأعظم إذا كان رواج مثل ذلك بقروبات فيها أطباء ومثقفون واعون ولا تجد أي نقد لذلك أو توضيح أو توعية. ثم يأتي بعد الوصفات والخلطات تداول نسب المصابين وإعطاء أرقام تخالف المصادر الرسمية! والكارثة أنها تنشر وكأنها حقيقة! وبذلك تنشر الذعر بالمجتمع، والجانب النفسي مهم جداً للمجتمعات وقت الأزمات والذعر والقلق معد وله آثار كبيرة، وهو يقف ضد الجهود الوقائية، فهو يخرج الإنسان من القدرة على السيطرة على أفعاله ويبعده عن اتباع التعليمات الوقائية.
ماذا لو أن كل صاحب وصفة أُجبر على إثبات صحتها طبيًا؟ ومن خلال التجارب والمختبرات أو يتعرَّض للملاحقة القانونية، فصحة الناس ليست مجال تجارب.
وماذا لو أن كل مروِّج إشاعة تم تطبيق العقوبات عليه، وناشر الذعر بين الناس بالأكاذيب؟
أجزم أنه لو حدث ذلك ستختفي ثلاثة أرباع الرسائل المرسلة بالواتس وسيعم الهدوء وسيلتفت الأفراد لتطبيق طرق الوقاية المعتمدة من الجهات الرسمية وسيكون الناس أكثر وعياً بأهمية المعلومة ومن أين تُؤخذ.
نحتاج لوعي كبير لإنجاح الجهود المبذولة ونحتاج لقوانين رادعة لمن يحاول الوقوف ضد تحقيق أهدافنا ونجاحنا من مروِّجي الإشاعات إلى المتاجرين في الأزمات بصحة الناس.
الزبدة:
الشرط الوحيد الواجب توافره لينتصر الشر هو ألا يقوم الصالحون بفعل شيء للمواجهة.
«إدموند بيرك»