د. حامد بن مالح الشمري
العديد من الدول المتقدمة توفر فرص العمل من المنزل وبشكل أكبر لربات البيوت، وبعائدات مالية لا يستهان بها، بالرغم من مشروعية مزاحمة المرأة للرجال في سوق العمل في تلك المجتمعات الغربية أو الشرقية. فقد برزت فكرة عمل المرأة من المنزل بشكل منظم في المجتمع الغربي من خلال شركات القطاع الخاص منذ منتصف الثمانينيات وكان هدفها إتاحة الفرصة للمرأة الغربية للعمل وهي على مقربة من أسرتها وكذلك تشجيعها على الإنجاب.
الكثير من الشركات اتجهت إلى تشجيع العمل من المنزل والتزامها بتطوير أساليب عمل جديدة عن بعد لإنجاز الأعمال وتقديم الخدمات عن طريق الإنترنت وفق مفهوم إيصال دون تواصل بين الأشخاص.
في عام 1989م تأسس المركز الوطني للوظائف المنزلية في كولمبس- ولاية جورجيا، وقالت إحدى المؤسسات للمركز: لقد رزقنا بطفل وكان زوجي يعمل بدوام كامل ويرتاد المدرسة مساءً وشعرنا بأهمية بقائي في المنزل لرعاية طفلي، ولكننا بحاجة ماسة لدخل إضافي وهو ما دفعني بحماس كبير لإجراء بحث في هذا المجال حتى تحقق الحلم وأصبح حقيقة.
ففي اليابان مثلاً الكثير من المصانع تقوم بالاتفاق مع بعض ربات البيوت على وضع وحدات إنتاجية صغيرة في منازلهن للعمل عليها وإنتاج بعض المنتجات الخفيفة والمتوسطة ذات المردود المالي الجيد، والعمل من المنزل لا يحتاج إلى تسويق الإنتاج والذهاب لمواقع البيع وإنما يقوم ممثل المصنع أو الشركة بالمرور على صناديق مجهزة على أسوار المنازل وتسلّم المنتج، أو من خلال المنصات الإلكترونية والبريد وشركات النقل، يمكن لربات البيوت العمل من المنزل خلال ساعات الفراغ في عديد من المهن والأعمال التي لا تحتاج معها إلى الغياب عن المنزل لساعات طويلة، ويمكنها من خلال الحاسوب المتنقل وبكل راحة ومرونة وأمان إنجاز عديد من الأعمال، والحمد لله تتميز المرأة السعودية بالجمع بين واجبات أسرتها والعمل بمهنية عالية عطفًا على ما تملكه من مهارات وتخصصات متنوعة يدعم ذلك ما وصلت إليه بلادنا من تقدم كبير في مجال التعاملات الإلكترونية والفوز بالعديد من الجوائز لجودة الخدمات الإلكترونية. ومن الأعمال التي يمكن إنجازها عن بعد: الجهات الخدمية إعداد البحوث ودراسات الجدوى، والترجمة وإدخال البيانات والتجميع الإلكتروني لبعض الأجهزة، إضافة إلى الكثير من الأعمال الإدارية والتعليمية والتنظيمية وهندسة البرمجيات وصناعة بعض الأدوات والسلع، وكذلك الأعمال اليدوية والفنون وإعداد مواد التجميل، والخياطة والتفصيل والتطريز، وكذلك تصميم البرامج الذاتية والكثير من الأعمال والمهن الأخرى.
وعلى هذا الأساس فإن العمل من المنزل يحتاج إلى توفير متطلبات عمل من توفير أجهزة والآلات واتصالات ومنصات تفاعلية، إضافة إلى ترك الخيار للمرأة للقيام بما تستطيع إنتاجه وإنجازه بطرقها الخاصة مقابل منحها أجرًا ماليًا يتناسب مع حجم العمل، ومن خلال هذا الأسلوب نساعد المرأة في استغلال وقتها المتاح في تأدية بعض الأعمال وهي بين أفراد أسرتها، وبالتالي نوفر لها ولأسرتها دخلاً ماديًا وفي الوقت نفسه يحافظ على واجبات المرأة تجاه أسرتها.
ندرك ما للمرأة المسلمة من دور يتمثل في تربية النشء، وغيابها وتخليها عن هذا الدور المهم يؤدي إلى خلل في بناء الأسرة، تربويًا، وعاطفيًا، بسبب غيابها عن منزلها لساعات طويلة. إن العمل من المنزل أو عن بعد يحتاج إلى إجراءات تنظيمية وتوعوية وتدريبية لبعض المهن توفرها بعض الجهات، على أن يتم تزويد الراغبات في العمل بكتيبات ونشرات تتضمن وصفًا وتصنيفًا للجهات ولأعمال الممكن قيام المرأة بها من المنزل، إضافة إلى توفير التعليمات والشروط والضمانات للراغبات في العمل، الأمر الذي يضمن لها الحقوق والقيم الاجتماعية والمالية.
وبلا شك فإن المكاسب التي ستتحقق من هذا الأسلوب كثيرة جدًا، لعل من أبرزها ما يلي:
1 - إيجاد فرص عمل كافية وملائمة لقدرات وظروف بعض الأسر.
2 - تمكين المرأة من الجمع بين الوظيفة وبين رعاية شؤون بيتها وأسرتها.
3 - تحقيق دخل إضافي للأسرة يمكنها من مواجهة الالتزامات المالية.
4 - استفادة الجميع من هذه الفرص، رجالاً ونساءً سواء كانوا متعلمين ومتعلمات أو موظفات أو غير ذلك والكبار والصغار والمتزوجات وغير المتزوجات، بل حتى ذوي الاحتياجات الخاصة.