الارتباط العاطفي شعورٌ لذيذ بالأمان، يخلق صباحات غير تلك الصباحات التي قد تطرأ على بال أحدكم.
والحبّ تحديداً يفتح للعاشق أُفقاً آخر لرؤية العالم بطريقةٍ مُختلفة، بيد أن المعضلة المزمنة وإشكالية الحبّ الأبدية التي لا يُظن لها حل: من هو المستحق للحب؟
فأبو تمام يرى أن الحبيب الأول هو من يستحق القلب عندما قال:
نقل فؤادك حيثُ شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأولِ
إذاً فقد سِيقت القلوب نحو مصيرها المحتوم، هذا الحبيب الأول بحسناته وسيئاته وغيابه وجفوته وخيانته وكل مساوئه هذا هو مصير العاشق الذي لا مفر منه.
في الحقيقة أجدُ في ذلك تسطيحاً لعلاقة الحبّ بل وجعلها غير إنسانية وكأنها روبوت مبرمج على إعدادات معينة بحيث لا يستقبل إلا الشخص الأول فقط!
وكذلك على صعيد أدبي آخر برزت بعض الرؤى المخالفة لمثل ذلك التصور عن الحب ودعوني أضرب مثالاً بقصيدةٍ جميلة للشاعر محمد بن علي العمري الذي يقول فيها:
جيت ماكنّ مرتني سنين الشباب
وكنّ مالي حبايب قبلك وتجربة !
فقد تجلت معاني العشق والهيام في الحبيب الأخير وأبدى الشاعر في هذه القصيدة تصريحاً بأنه نسي كل الماضي الذي عاشه قلبه وكأنه لم يُولد شعور الحب فيه إلا لهذا الشخص.
وحتى أكون منصفاً، لا أعتقد بأن الترتيب هو ما يجعلنا نحكم على قوة العلاقة وجديّتها، فلا يهمّ إذا ما كان الحبيب الأول أم الحبيب الأخير، فما الحب إلا للحبيب الأجدر.
** **
- مانع بن فائز الشهراني