منذ زمن لم يتدفق قلمي وينزف حبرًا.. وعندما سمعتها تحكي قصتها كانت لي الملهمة ولقلمي؛ كي يتنفس من جديد بهذه القصة القصيرة..
لبستُ فستانًا أنيقًا، اجتهدت في اختياره، ورصدت له ميزانية سخية لتلك المناسبة التي علمت بموعدها مسبقًا فاستعدت لها. ابتسمت وهي تنظر لنفسها بعين الرضا بعدما رفعت المزينة يدها عن وجهها، وسمحت لها بمغادرة الكرسي، وهي تشير لمن بعدها: تفضلي.. وضعت الطرحة باحتراس شديد على رأسها تاركة المكان وهي تتنفس الفرح والسعادة، وتتحسس زجاجة العطر لوضع آخر اللمسات قبل التوجُّه لصالة الحفلة. فجأة فُتح باب السيارة أمامها؛ لتنطلق ابنتها الصغيرة تجاهها وصرخاتها تملأ المكان. فتحت ذراعيها لاحتضانها، فما كان من الصغيرة سوى السقوط على الأرض وضحكاتها تملأ المكان وحركة غريبة بين قدميها؛ إذ كانت القطة المسكينة تحاول الفرار من هجوم الطفلة المباغت عليها. صرخت بهستيريا فزعًا بحركات لا إرادية مع فقدان للتوازن.. ارتفعت الدماء لوجنتيها قبل أن تسقط على الأرض؛ فهي لا تطيق الحيوانات والقطط، خاصة أن هذه عقدتها منذ عرفت نفسها. أخذت الصغيرة تجري خلف القطة، ووالدها يجري خلفها، وهي تجري خلف أنفاسها المتلاحقة، وبعض المارة يضعون أيديهم على أفواههم لمقاومة ضحكاتهم من جهة، وإبداء إعجابهم بجرأة الطفلة الفطري من جهة أخرى. تصببت عرقًا... ابتلت ملابسها نتيجة الجهد النفسي والبدني، وارتجاف قدميها، ومحاولة قلبها السيطرة على سرعة نبضاته الجنونية بالتخلص من أكبر كمية من المياه دون الاهتمام بنتيجة ذلك؛ فالسلامة أهم.. تقافزت دمعاتها وهي تمسح في طريقها ما تبقى من كميات الأصباغ على وجهها بينما الطفلة تبكي بحرقة، وتتوسل لوالدها محاولة إقناعه باصطحاب القطة معها للبيت. التفت نحوها، وقال أين موقع قاعة الحفل؟
قالت بصوت مبحوح: عد إلى البيت..!!!
** **
- بدرية البليطيح