العقيد م. محمد بن فراج الشهري
تدور في ذهني كثير من الاستفسارات والتوقعات والاستنتاجات وغيري كثير من خبراء العسكرية أن ما يدور في العالم من مصائب هي من نتاج (الحرب البيولوجية) التي غفل الكثير عنها رغم أنها أم المصائب وهي قديمة وليست حديثة، واستخدمت في أكثر من حرب.. والحرب البيولوجية يطلق عليها أيضاً (الحرب الجرثومية أو الميكروبية) وهي تصنف ضمن أسلحة الدمار الشامل، ولا تقل عن الحرب النووية والكيميائية، بل هي أخطرهم لأنها الأقل تكلفة والأوسع انتشار وأبطأهم احتواء، إذ إن الأسلحة النووية والأسلحة الكيميائية تحتاج تكلفة مادية عالية، وأماكن ذات مواصفات خاصة وتحتاج علماء وخبراء على أعلى مستوى من التخصص، في حين أنه بالإمكان تصنيع ترسانة كاملة من الأسلحة البيولوجية في زمن قصير، وكل ما تحتاج إليه هو غرفة معمل (وبكتريا معدية)، فخلية البكتريا التي تنقسم كل عشرين دقيقة تستطيع إنتاج مليار نسخة جديدة خلال عشر ساعات فقط مما يجعل زجاجة واحدة من البكتريا المعدية قادرة على القضاء على مدينة بحجم واشنطن الأمريكية أو أوهان الصينية.. فعلى سبيل المثال واحد على المليون من جرام واحد فقط من بكتريا (الانثراكس) قادر على قتل أي شخص بمجرد استنشاقه، والحرب البيولوجية ليست وليدة العصر ولا هي بجديدة، بل هي من أقدم أنواع الأسلحة القذرة على الإطلاق، وهي حرب في الخفاء لا يمكن الإعلان عنها، والتاريخ حفل بنماذج كثيرة تم استخدام الحرب الجرثومية فيها، وهي أخطر وأقدم حرب إبادية موجهة إلى العالم العربي منذ سنوات طويلة.
وربما لا يعلم الغالبية منّا الحقيقة التي تم إثباتها مؤخراً وهي أن «كل الفيروسات التي اجتاحت العالم مؤخراً مصنعة» نعم مصنّعة بتقنية النانو المكتشفة وهي أقدم بكثير جداً من الفترة التي ظهرت بها للنور.. إنها نتاج الأبحاث العسكرية الشيطانية والقذرة للدول الكبرى.. ونذكر منها الإيدز، وإنفلونزا الطيور، والخنازير، والتطور الحادث بهما... ليس هذا فقط بل العديد والعديد من الفيروسات، والجراثيم المخلّقة معمليا.. والحرب البيولوجية تأخذ عدة معالم واتجاهات مختلفة يطول شرحها في هذا المقال، لكن علينا نعي أولاً أنها أعتى وأشرس وأقذر الحروب قاطبة، لأنها تحصد أرواح ملايين بل مليارات من البشر، أكثر من أيّ حرب عسكرية حول العالم، كما تستهدف فئات المجتمع بل الأطفال بأمراض مختلفة، وتغير في فطرة الله التي فطر الناس عليها.. بل تؤثر على الوعي كذلك ومدركات الإنسان، والنمو وأمور عديدة جداً لا حصر لها.. والأسوأ من ذلك أنها تدخل في التطعيمات والأمصال التي أساسها شفاء الإنسان لأمراضه وقتله في كثير من الأحيان.. هي حرب كما أسلفت رخيصة التكاليف كارثية النتائج.
ولزيادة التعريف بهذه الحرب القذرة فهي (Biological Warfare) الاستخدام المتعمد للجراثيم أو الفيروسات أو غيرها من الكائنات الحية وسمومها التي تؤدي إلى نشر الأوبئة بين البشر، والحيوانات، والنباتات وسبل مقاومة هذه الأوبئة ومسبباتها. ويطلق البعض على هذا النوع من الحروب اسم الحرب البكتيرية أو الحرب الجرثومية.. غير أن تعبير الحرب البيولوجية أكثر دقة وشمولية. فما رأيكم من أن الأمراض التي ظهرت في العصر الحديث مثلاً نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) ومرض جنون البقر، وإنفلونزا الطيور، ومن بعدها الخنازير ما هي إلا تجارب الأسلحة البيولوجية !! ويمكن استعماله أو وضع الفيروس في جهاز تكييف بمركز للمؤتمرات أو صالة ألعاب أو مركز للتسوق، أو يترك الوعاء الحاوي عليه ساعة الذروة على قضبان المترو في صورة ضباب، أو سائل أو إيروسول أو رشه بالطائرات أو تلويث مياه الشرب به، أو إطلاقه داخل الحشرات والفئران، والطيور المعدية، الناقل للمرض، وعندما تجد الميكروبات أن الظروف البيئية غير ملائمة للبدء بالفتك بالكائنات والإنسان فإنها تسكن وتكون جراثيم بعدد من السنين، حتى تعود الظروف لتصبح ملائمة فيعاد نشاطها وهجومها من جديد.. وقد طورت أمريكا عدداً من هذه الأسلحة لنشر الأمراض وهي غاية في الإتقان منها:
قنبلة تزن (500) رطل صممت أصلاً لنشر منشورات الدعاية المضادة أثناء الحروب ولكنها عبئت بريش الطيور المحمل بجراثيم المرض وجربت إطلاق قنابل الريس بين حاويات أو مناطيد في كامب ديتريك بمريلاند بأمريكا، وعند إطلاق الريش سبح في الهواء ليسقط فوق مساحة هائلة لينقل المسبب المرض من الريش إلى النباتات، وقد عُفر الريش بالأبواغ بنسبة 10 % من وزن الريش، وكثير من الاستخدامات المهلكة التي قامت ترسانات الدول الكبرى بإعدادها واستخدامها بطرق مكشوفة وطرق يصعب اكتشافها، فهل ما نراه اليوم من تفشي كارثة بشرية جديدة وهو وباء ما يسمى (بفيروس كورونا الجديد (Covid-19)، هو إحدى نتاج تلك المعامل القذرة؟.. أنا شخصياً لا أدري، ولا أستطيع تأكيده؛ كفانا الله وإياكم شر هذه الكوارث، ونسأله سبحانه أن يحمي وطننا ومقدساتنا من مثل هذه الأوبئة، ويكفينا بها خالق الكون القادر على نسفها وإبعاد شرورها عن كل مسلم وسكان المعمورة كافة، -إنه سميع مجيب-.