خالد بن حمد المالك
اختفى كثير مما كان يُقال عن وزارة الصحة من تقصير أو تسيّب أو عدم مبالاة بصحة المرضى، وغاب عن الارتباط بها ما كان يتم تداوله من اتهامات عن نقص في الأدوية والأجهزة والأطباء ومساعديهم في مختلف التخصصات، وانتهى الحديث عن الأخطاء الطبية، وعدم وجود أسرة كافية في المستشفيات، بعد أن أصبح تعامل الوزارة صارمًا مع كل حالة يظهر فيها إهمال أو تقصير، حتى أصبحنا أمام خدمة طبية مرضية، وعلى موعد مع فرص قادمة لتحسين هذه الخدمة إلى ما هو أفضل.
* *
أقول هذا والدليل بيننا حاضر وموثَّق، ولا أدّعيه شخصياً، فمع ظهور فيروس (كورونا) وهلع العالم، وسقوط ضحاياه في أغلب دول العالم بين ميت ومصاب ومشتبه به، كانت المملكة بقيادة وزارة الصحة، ومساندة وزارات الداخلية والخارجية والتعليم والرياضة والبلديات والنقل ورئاسة الحرمين الشريفين وغيرها، تقدِّم مبكراً نموذجًا غير مسبوق في التصدي له، ووضع كل الاحتياطات لمواجهته دون تأخير، وتقدم خدمة صحية عالية المستوى، وتضع (كورونا) تحت سيطرتها، بالحلول العاجلة، والإجراءات الصحيحة، والمواجهة القوية، وتوفير كل ما يمنعه من الانتشار.
* *
تدخل مطارات المملكة، فتجد أن أجهزة التصوير تلتقط كل من كان يعاني من أعراض وحرارة عالية، فتتعامل أجهزة الوزارة الطبية الموجودة بالمطار مع كل حالة، وفقًا لما تقتضيه مصلحة المريض، وعموم المواطنين والمقيمين في المملكة، ومن ثم يتم نقله إلى أحد أماكن العزل وتقديم العناية الطبية اللازمة له، بحسب ما تقتضيه كل حالة في عمل يتميز بحسن التعامل، وتقديم أعلى درجات الخدمة الصحية، وتوفير أجواء السكن المريح للمصاب في فندق أو مستشفى.
* *
ومع أن ما تم اكتشافه إلى اليوم لا يتجاوز خمساً وأربعين حالة تعافت واحدة، بخلاف تطبيق العزل المنزلي والحجر الصحي الاحترازي وأغلبهم قدموا من إيران، ممن زاروها خلسة من المواطنين، مخالفين بذلك التعليمات المشدَّدة بعدم زيارتها، فإن الاحتياطات الكبيرة، والعمل النوعي الذي تزامن مع إعلان أول حالة إصابة بـ(كورونا) في العالم، هو ما جنَّب المملكة مضاعفات هذا العدد، أو وفاة أي مصاب ممن هم تحت رعاية وزارة الصحة، والأهم أن الوزارة وعلى مدى الساعة تعلن عن التعليمات والإرشادات التي تساعد في حماية الناس من وصول المرض إليهم، وتضع كل أرقامها ومسؤوليها تحت تصرّف المواطنين والمقيمين لمساعدتهم على تجاوز أزماتهم متى ظهرت أي أعراض فيها شبه الإصابة بالمرض.
* *
لقد أُفرغ الحرم المكي ومثله مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ساحاتها وأروقتها من ارتياد الناس عليهما، وعُلِّقت العمرة حتى إشعار آخر، كما أُوقفت الدراسة بالمدارس والجامعات، واكتفي بأن يكون تلقي التعليم عن بعد، وهكذا أصبحت النشاطات الرياضية بلا جمهور، وأُلغيت الحفلات الغنائية، والسفر إلى عدد من الدول، وإيقاف حركة الطيران منها وإليها، وما إلى ذلك من الخطوات الاستباقية التي قامت بها أجهزة الدولة، بتنسيق وتفاعل مع ما ارتأته وزارة الصحة، ما يعني أننا خلال الأيام الماضية، ولا نزال أمام حركة وحراك صحي غير مسبوق لحماية المواطنين والمقيمين من تداعيات هذا المرض على صحتهم، بما لا يدعو للخوف والهلع.
* *
ولا بد أمام هذه المعطيات، والجهد الكبير الذي نراه، وما زال متواصلاً، وبعمل صحي نوعي مدروس، أن نحيي وزارة الصحة بقيادة وزيرها النشط معالي الدكتور توفيق الربيعة، والجهاز البشري الطبي المتميّز الذي يعمل معه، ويقوم بهذه المهمة العالية في المطارات والموانئ والمستشفيات، ويتابع الحالات بروح المسؤولية الوطنية والإنسانية، لتمتد هذه التحيَّة من الوزير الربيعة ومعاونيه في وزارة الصحة إلى كل المسؤولين في أجهزة الدولة المعنية بهذا المرض، الساهرة على تحقيق أعلى معدل من النجاح لتطويقه، والحد من آثاره، وهزيمته من خلال هذا التكاتف والتعاون الذي رأيناه بين وزارة الصحة والأجهزة الحكومية الأخرى التي أشرنا إلى بعضها.