فضل بن سعد البوعينين
كان التفاؤل بتوصل أوبك+ إلى اتفاق، يعالج المتغيرات الطارئة في أسواق النفط؛ سيد الموقف؛ إلا أن رفض روسيا لاقتراح خفض الإنتاج، وانسحابها من الاتفاق وعدم تقيدها بحصص الإنتاج، بدءاً من شهر أبريل المقبل؛ تسبب في إحداث صدمة قوية للأسواق، وفقدان أسعار النفط إلى ما يقرب من ثلث قيمتها الاثنين الماضي، مسجلة أكبر خسائر يومية منذ حرب الخليج عام 1991.
أعلنت روسيا قدرتها على التكيف مع أسعار للنفط بين 25 دولاراً و30 دولاراً للبرميل لفترة من 6 إلى 10 سنوات مقبلة، وإنها قد تلجأ إلى صندوقها السيادي لضمان الاستقرار على صعيد الاقتصاد الكلي، في حال استمر نزول أسعار النفط. أعتقد أن التصريحات الروسية تفتقر للواقعية، وربما استخدمت لتخفيف هول صدمة انهيار أسعار النفط التي لم تكن تتوقعها من قبل، ولا أستبعد عودة الروس للتفاوض من جديد لوقف تداعيات قرارها المفاجئ على الأسواق.
هناك من يشير إلى مسؤولية السعودية عما حدث للأسعار، والحقيقة أن وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، كان داعمًا لاقتراح خفض الإنتاج شريطة الموافقة عليه من أعضاء أوبك+، إلا أن الرفض الروسي دفع المملكة للتخلي عن أي التزامات مستقبلية بعد انتهاء العمل بالاتفاق الحالي. فلا يمكن للمملكة أن تتحمل مسؤولية تحقيق توازن الأسواق بمعزل عن جهود الآخرين، ومثلما تهتم روسيا ودول أخرى بحصتها السوقية فالمملكة أولى بتحقيقها عطفًا على جهودها الدولية الداعمة لأمن الطاقة، واستثماراتها الضخمة التي أنفقتها لرفع طاقتها الإنتاجية لمواجهة الظروف الدولية.
لذا جاءت تصريحات وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان التي قال فيها، «في سوق حرة، يجب أن يبدي كل منتج للنفط قدرته على المنافسة ويحافظ على حصته في السوق ويعززها» متوافقة مع الحدث، والقرار الروسي الرافض للاقتراحات المطروحة. الأمير عبدالعزيز أكد أيضاً بعدم جدوى عقد اجتماعات في مايو القادم؛ وكأنما أراد أن ينهي أي بارقة أمل في تراجع السعودية عن قرارها برفع الإنتاج والتخلي عن دورها التقليدي.
عكست أرامكو السعودية موقف المملكة، وأكدت أنها سترفع إمداداتها النفطية، لعملاء الداخل والخارج إلى 12.3 مليون برميل يوميًا في أبريل، ما يعني زيادة الطاقة الإنتاجية المستدامة القصوى للشركة بـ300 ألف برميل يوميًا. ثم أكدت تلقيها تكليفًا من وزارة الطاقة بزيادة قدرة إنتاج النفط لديها إلى 13 مليون برميل يوميًا، وهو تحول مهم في قدرة المملكة الإنتاجية، وسينعكس على إيرادات الشركة وبالتالي استفادة حملة الأسهم.
الأكيد أن أي زيادة في الإنتاج حالياً ستسهم في تعويض الفاقد السعري أكثر من رفع الإيرادات، غير أن أسواق النفط لا تخلو من المتغيرات المفاجئة التي قد تنعكس إيجابًا على قرار زيادة الإنتاج وبالتالي قدرة أرامكو السعودية على تحقيق مزيد من الأرباح لمساهميها؛ وهو ما دفع الشركة للإعلان الرسمي في «تداول» عن الأثر الإيجابي المتوقع لرفع الإنتاج إلى 12.3 يوميًا.
من المتوقع أن تتأرجح أسواق النفط بين الروليت الروسي والعقلانية السعودية المؤثرة على أوبك، وأحسب أن العقلانية المدعومة بقوة القرار وتنفيذه الفوري سيسهم في إعادة تشكيل المواقف، وفي مقدمها الموقف الروسي، خاصة بعد تلقيهم ضربة مزدوجة تشكلت في انخفاض أسعار النفط والتراجع الحاد للروبل.