مها محمد الشريف
هناك دائماً وجود لواقع متغير قابل للأخذ والرد له قيود قانونية واعتبارات دولية وغاية كبرى تدعو إلى تبني اختيار معين في بعض الحالات حول كبرى القضايا المعاصرة ومنها تداعيات فيروس كورونا على أسواق النفط والاقتصاد في العالم، فقد أبلغ مصدران لرويترز أن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، تعتزم زيادة إنتاج النفط إلى أكثر بكثير من عشرة ملايين برميل يوميا في أبريل - نيسان، بعد انهيار اتفاق خفض المعروض بين أوبك وروسيا.
وفي ذات الوقت نقرأ الفرق بين المملكة وغيرها بالنظرة والتعامل الاستراتيجي مع أسواق الطاقة من حيث الاستثمار المستمر لزيادة الإنتاج والبنى التحتية لصناعة النفط بالمملكة. بينما دول عديدة منتجة بمستوى كبير مثل روسيا يتضح نظرتها القاصرة لسوق النفط معتقدة أن الفرصة سانحة للاستحواذ على حصص إضافية بالسوق العالمي نتيجة لأوضاع الاقتصاد العالمي السلبية التي تضغط على الأسعار.
مما يعني احتمال خروج بعض منتجي النفط الصخري وهو ما تراه فرصة لها بدخول أسواق جديدة، وعلى ذلك فإنه من الأحوال الراهنة يسهل علينا فهم ملحوظة العالم الاقتصادي بأن الأساس في التركيز على الأولويات هو تعيين حدود جديدة لا تتخطاها، وروسيا لا تتعامل معها وفق ما يطلبه السوق بل البحث عن مكاسب سريعة وبنظرة ضيقة دائما ما تؤدي لضرر بسوق النفط وانسحابها من التفاهم مع أوبك ستكون هي الخاسر الأكبر.
لأن الأسعار الحالية لن تخدمها على المدى المتوسط والبعيد من حيث قدرتها على ضخ استثمارات لزيادة الإنتاج والحفاظ على مستوى الاحتياطيات والتي تتطلب مستوى أسعار أعلى نظرا لارتفاع تكلفة إنتاج النفط لديها لمتوسط يقارب 28 دولارا، بمعنى غياب العمق المؤسسي باتخاذ القرار ودراسة أوضاع السوق من قبل الروس وهذا يوضح كيف يدار اقتصادهم، لذلك سارع وزير نفطهم بالقول إن التعاون مع أوبك لم ينته كمحاولة لإعادة إحياء المفاوضات والتعاون لكن دون قرار واضح.
فكل النتائج محسوبة لتحقيق ما تريده الحياة بكل جوانبها الاقتصادية والسياسية، ولا يتطلب أكثر من أن تركز على ما يحقق لك النجاح الذي يصنع أعظم الانتصارات، وهناك إدراك مماثل من أرامكو السعودية التي ستزود عملاءها بـ12.3 مليون برميل يوميا في شهر أبريل»، بزيادة 300 ألف برميل يوميا عن الطاقة القصوى، البالغة 12 مليون برميل يوميا.
وقالت أرامكو إنه «قد تم الاتفاق مع عملائها على تزويدهم بهذه الكميات اعتباراً من أول شهر أبريل. وتتوقع الشركة أثرا ماليا إيجابيا على المدى الطويل»، وهذه الاستراتيجيات قد حققت النجاح بصورة رائعة في الأسواق، والمكاسب ستكون كبيرة للغاية عندما تختار أن تكون قائدا لهذه المنظومة الضخمة في العالم.
لا شك أن التداعيات المؤثرة لفيروس كورونا ألقت بظلالها على أسواق النفط، والاقتصاد ككل، ولكنها ستنتهي كظروف استثنائية وسيعود العالم للنمو مجدداً وعندها سيرتفع الطلب على النفط ولكن سيكون العرض منخفضاً مما سيرفع الأسعار وستكون المملكة وكل منتج تقوم الصناعة النفط لديه على أساس استراتيجي طويل الأمد هم المستفيدون وسيستمرون بقيادة العالم بإمدادات الطاقة والمملكة هي الدولة الأكثر موثوقية في هذه الصناعة التي تعد القلب النابض للاقتصاد العالمي.