العقيد م. محمد بن فراج الشهري
انكشف الغطاء عن الأفعوان الأردوغاني، ولم يعد هناك ما يستره. والانجرار في المستنقع السوري جعل أردوغان في موقف لا يُحسد عليه، إضافة إلى ما تعانيه بلاده من اهتزاز مالي واقتصادي، وهبوط لعملته بشكل لم يسبق له مثيل.. وأكَلَ الطُّعم الذي وُضع له من قِبل الغرب والشرق (إيران، إسرائيل)، وأدى ذلك إلى استمراره في هذا النهج الفوضوي، وهو من اتخذ من جماعة الإخوان الإرهابية مطية، وقطر كممول لإرهابه في المنطقة العربية لتحقيق ما يحلم به من أطماع أتاتوركية، لكنه الآن في ورطة حقيقية، جعلته لا يعرف كيف يتصرف، ولم تنفع كل حيله وألاعيبه السياسية، وأصبح هذا الدكتاتور العميل في حالة من الفشل السياسي يُرثى لها.. وهذا نتاج معاداته للسعودية التي مدت يدها له مرارًا، لكنه دكتاتور جحود، ولو مد يده للسعودية بنية طيبة بعيدًا عن الخبث والتلون لساعدته وأنقذته من هذا التخبط الذي لن يعصف به فحسب، بل سوف يعصف بدولته تركيا المسلمة. وليس من المنطق أن رئيس دولة يبحث عن الانضمام للاتحاد الأوروبي وهو يتدخل في شؤون تلك الدول، ويفتح حدوده للمهاجرين الذين هجّرهم من منازلهم في سوريا؛ لكي يستخدمهم كأداة ضغط وابتزاز لأوروبا. وليس من المنطق أن يحشر أنفه في سوريا وهو يعلم أن روسيا لن تسمح لأحد بأن ينازعها على مصالحها في سوريا، ويورط حلف الناتو لجعله في مواجهة مع روسيا، وحلف الأطلسي يرد عليه بأن المادة الخامسة لا تسمح للناتو بالتدخل في تركيا ضد روسيا، وليس من المنطق أن ينقب عن الغاز والبترول في المياه الإقليمية لقبرص واليونان وليبيا، وغيرها، وكأنها تحت إمرته وحكمه، ثم يطلب من الناتو دعمه ومساعدته عسكريًّا ضد دول أوروبية، عبث ويعبث في مياهها الإقليمية. وليس من المعقول كرئيس دولة، تريد الدخول في الاتحاد الأوروبي، أن يقوم بإرسال أسلحة ومرتزقة وإرهابيين إلى ليبيا ليدمر بلدًا ذا سيادة، وعضوًا في الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ويجعل ليبيا ممرًّا وعبورًا للهجرة غير الشرعية من إفريقيا إلى أوروبا. وليس من المعقول أن يخترع مؤامرة انقلابية لتصفية معارضيه الذين تجاوزوا الـ(80) ألف مواطن تركي، إضافة إلى الذين تم طردهم من وظائفهم، والزج بهم في السجون بدون أي محاكمات، وفوق هذا كله جرائم حرب ارتُكبت ضد الأكراد شمال سوريا أواخر عام 2019م، بينها إعدام مسؤولة سياسية كردية، وذلك في سياق تصعيد قوي بين تركيا والقوات السورية المدعومةمن موسكو في إدلب، في الوقت الذي أكدت فيه لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا في تقرير نُشر مؤخرًا، ويتناول الفترة الممتدة من يوليو 2019م إلى 10 يناير الماضي، أن تركيا قد تتحمل مسؤولية جنائية للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها حلفاؤها في الجيش الوطني المعارض، وارتكاب جرائم حرب وإعدامات بالجملة، بما فيها إعدام المسؤولة الكردية (هفرين حلق)، والسائق الذي كان معها. كل ذلك بفضل الدعم الأردوغاني للأشرار في كل ناحية، في الشرق والغرب. زد على ذلك الاتهامات التي صدرت مؤخرًا، الموجهة لحكومة أردوغان، بدعم أنشطة الاتجار بالبشر؛ فهي تستخدم اللاجئين للحصول على مكاسب مالية، وتقديم تهديدات للاجئين لاقتحام الحدود الأوروبية؛ ولذلك تصنَّف تركيا في المرتبة الأولى عالميًّا لاحتضان عصابات الاتجار بالبشر والمهربين الأتراك مدعومين من السلطات التركية، ويعملون تحت أنظار وتوجيه حكومة المفلس أردوغان. والآن ماذا بقي لأردوغان من أعمال شريرة وتعديات؟ من الواضح أن الأوضاع في الداخل التركي تتجه بسرعة هائلة نحو اختناق سياسي، واحتقان شعبي، قد يفضي إلى ثورة سياسية شاملة عن حكم حزب العدالة الذي أصبح حزب خراب ودمار لتركيا، ووضع تركيا في موقف لا تُحسد عليه من إخفاقات خارجية كبرى، إضافة إلى أزمات داخلية طاحنة في الاقتصاد التركي الذي دخل مرحلة الاحتضار. كل ذلك بفضل عنجهية وغرور وتهور أردوغان الذي فعلاً وقع في شر أعماله، وآن الأوان ليلفظه الشعب التركي إلى مزبلة التاريخ.