د.شريف بن محمد الأتربي
يُعرف التغيير في المجتمعات بأنه «انتقال المجتمع بإرادته من حالة اجتماعية محددة إلى حالة أخرى أكثر تطوراً». بينما يشير مفهوم التغيير السياسي إلى مجمل التحولات التي تتعرض لها البنى السياسية في مجتمع ما بحيث يعاد توزيع السلطة والنفوذ داخل الدولة نفسها أو دول عدة.
ويشير مصطلح السياسة الداخلية للدول إلى: مجموعة من المبادئ (الاقتصادية والإصلاحية والخدماتية) يتم تنفيذها في داخل الدولة تحت إطار قانون داخلي يخص الدولة نفسها ويخدم المواطنين والمقيمين فيها.
ومع رؤية المملكة 2030 ووضع أهداف محددة يمكن قياسها من خلال معايير واضحة أصبحت المرونة في التغيير أكثر سهولة وأسرع في التطبيق، وبذلك خرجت المملكة في عهد سلمان الحزم لتكيف سياستها الداخلية بما يتلاءم مع متطلبات الفترة ويحقق الرؤية.
ولقد أظهرت الأوامر الملكية الأخيرة قدرة القيادة السياسية تحت مظلة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد -حفظهما الله- على إحداث التغيير وعدم النزوع إلى الجمود والثبات تحت أي سبب من الأسباب، وأن تغيير الوزارات وبقاءها أو دمجها أو حتى إلغاءها نابع من الحاجات الحالية والمستقبلية. وقد اشتملت هذه الأوامر على عدد من التغييرات التي -بإذن الله- ستصب في صالح الوطن والمواطن وتسرع من وتيرة تحقيق أهداف الدولة وتتطابق مع القياسات المستمرة لمخرجات هذه الوزارات ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها في برامج الدولة المنبثقة من الرؤية 2030.
وقد شملت الأوامر الملكية الأخيرة ضم وزارة الخدمة المدنية إلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ويُعدَّل اسمها ليكون «وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية». وبهذا التغيير أصبح هناك وزارة واحدة تقيس احتياجات سوق العمل ومتطلباته مما يقلل بدوره فترات انتظار المواطن للتعيين، هذا إلى جانب اضطلاعها بالتنمية الاجتماعية وما يتطلبه ذلك من القيام بالعمليات الإدارية المخطط لها مسبقاً، سعيًا إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التي تقود الطاقات والإمكانات إلى التفاعل والاستغلال الأمثل، وتحفيز جهود الدولة والقطاعات العامة التابعة لها وإيجاد روابط اجتماعية بينها وبين القطاع الخاص والمواطنين، من أجل خلق تغير على النشاطات والمجالات الاجتماعية السائدة، كالقيم والعادات والمعتقدات والنظم والمواقف، دون غياب عنصر الاهتمام بالحاجات الفسيولوجية والخدمية والمعيشية للأفراد، وتنتهي بتحقيق الرفاهية لأفراد المجتمع على الصعيد المادي والمعنوي.
كما تم تحويل «الهيئة العامة للاستثمار» إلى وزارة باسم «وزارة الاستثمار». ونقل الاستثمار من وزارة التجارة إلى الوزارة الجديدة لإعطائها مزيدًا من الحرية في جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية والعمل على تعظيم قدرة السوق المالية من أجل خلق فرص عمل جديدة للمواطنين وزيادة المردود الاقتصادي على المستوى الاجتماعي للأفراد والأسرة.
وفي مجال الرياضة والسياحة تم تحويل «الهيئة العامة للرياضة» إلى وزارة باسم «وزارة الرياضة»، وتحويل «الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني» إلى وزارة باسم «وزارة السياحة». مما يكسبها العديد من المميزات التي كانت تعتبر عائقًا أمام كل منها في تحقيق أهداف الدولة من إنشائها.
فالوزارة هي إدارة كاملة وشاملة لقطاع من قطاعات الدولة، وأصبح لكل واحدة منها وزير ذو مسؤولية رسمية ومكلفة وشاملة، وميزانية مستقلة، واعتباريتها؛ حيث تتمتع الوزارة بصفة اعتبارية للتعامل مع كل الوزارات المماثلة لها في الخارج، إلى جانب التكليفات والأهداف التي سيكون الوزير مسؤولاً عنها أمام الملك.
إن مرونة الدولة وحيويتها تظهر جليًا مع كل أوامر ملكية يصدرها الملك -حفظه الله-، وتظهر جليًا مدى قدرة الدولة على إدارة مقدرتها لتحقيق أهدافها، وبُعد نظر سمو ولي العهد -حفظه الله- في ترشيحاته واختياراته للوزراء والمسؤولين.