د. حسن بن فهد الهويمل
شَرُّ البقاع بقاع السياسة، تضل في أجوائها الأفهام، وتزل على أديمها الأقدام، ويحار فيها الأدلاء الخراريت.
إنها مفازات، داخلها مفقود، وخارجها مولود. لا تسمع فيها إلا التناجي الآثم. كل شيء مُسَخَّر لها، يقول ما قال أساطينها، وكأنها قد ختمت على القلوب، وطمست الأعين.
وإذ يَحْكم العالمَ سبعُ أُسَرٍ، كما يزعمون، وعلى رأسهم عائلة (روتشيلد) منذ عام 1769م. فإن السياسة بواسطة إعلامها الذكي، غير الزكي، وأساطينها، وخبرائها، قد حولت الحياة إلى مسرح عرائس، أصابعُ بارعة تحرك الدُّمَى.
تنزل النازلة، ويُنْزِل العقلاء، العالمون، المجربون حكمَهم الدقيق عليها، فإذا بها تصير كما أريد لها، لا كما هو متوقَّع أن تكون.
ذلك أن النازلة لم تكن بمعزل عن اللاعب، إنها كما يَتَداول المرجفون من حكايات عن (فيروس كورونا)، وَأَنَّ (أمريكا) بعثت به إلى (الصين) مُسَرَّباً من معامل (البنتاغون) الجرثومية كرسالة تهديد، وقمع لطغيان الاقتصاد الصيني.
عالم يسبح في الأوهام، كـ(ريشة في مهب الريح)، ما لها من قرار. العقلاء يعيشون في ملاعب جِنَّة، يرون الحقائق رأي العين، ويرتِّبون أمورهم على ما تتطلبه المواقف، ثم يفاجؤون بما يدير الرؤوس، ويبلبل الأفكار، ويغثي النفوس. وإذا أخذتهم الثقة، وأصروا على رأيهم، دون استكبار، تجاوزهم الركب، وقُضِيت الأمورُ بحضورهم، أو في غيابهم كـ(بني تيم).
لم تعد المبادئ، والمصداقية، وشرف الكلمة من معايير السياسة اليوم. القوة وحدها الحاكمة بأمرها.
والقوة متنوِّعة: قوة الترسانة العسكرية. وقوة الاقتصاد. وبراعة اللاعب في الإثارة، والاستمالة، والإقناع، والاحتواء، ثم مصادرة الوعي، وتمرير المُرَاد.
لست متشائماً، ولا مبالغاً، ولا مُهَوِّلاً، إنها الحقائق المرة، التي نراها رأي العين.
(عالمنا العربي) خير شاهد على ما أقول، لا يدري القاتل فيه لماذا قَتَلَ، ولا المقتول لماذا قُتِلَ. ونتائج (الربيع العربي) الذي صنعناه بأيدينا أقوى الوثائق، وأنصع الأدلة.
أمة مرَّت بمراحل صعود، وهبوط، وإقبال، وإدبار، وبقدر قربها من (الوحيين) واستقامتها على المأمور، وفهمها للمقاصد، ووعيها للواقع، وتحركها وفق الإمكانيات تصعد أسهمها، ويستقيم أمرها.
ومتى زاغت مفاهيمها لَحْظَ بَصِيرةٍ، جاءت أمورها على غير ما تريد. الخطورة من الفهم السقيم، وفي التأدلج، والتعصب، والتطرّف، والحزبيات، وفي الإسلام الحركي: إسلام الفكر، لا الإسلام التطبيقي، والتقنع لا في إسلام السلوك، والانضباط، وفي إسلام المصالح، والأهواء على حد: (الإسلام مع من عَدَا به).
لا قيمة لإسلام الشعارات، والهتافات، والأحبار على الأوراق، ومثاليات المبادئ مع وقف التنفيذ، ولا في التسمي: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا}.
(جمهورية إيران الإسلامية) - على سبيل المثال -.
- ماذا عندها من الإسلام حتى تتسمى به؟
لا شيء. وقل مثل ذلك عن كل حزب حركي مؤدلج : كـ(حزب الله) و(حزب الإخوان) و(حماس). كل أولئك يوالون من حَادَّ الله، ورسوله، ولعن أصحابه، وفَجَّر أمهات المؤمنين، واتَّهمهن بشرفهن، ومنع إقامة المساجد، وعزَّز الكنائس، والبيع، والصوامع، وسائر المعابد، ثم إن كل الاعتداءات على المقدسات على مرَّ التاريخ، تَمَّت على يد (الروافض)، ومن أفضعها (القرامطة).
تلك هي بوادر (العمائم)، و(العباءات). أقنعة لتمرير الشرور، وتصدير الفوضى، والحروب الدموية. والمصلحيون ممن يَعُدَّون أنفسهم من (أهل السنة والجماعة) يبيعون دينهم الحركي بالدرهم، والدينار.
إنها العنصرية الفارسية، والأحلام التركية، والارتزاق الحماسي، والإخواني. هذه الخوارق لا يبررها إلا الإعلام العميل.
لو كَفَّت كل طائفة شرورها، وعمل كل حزب لصالح قبيله، ودينه لما ليم أحد: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}.
الإشكالية في التعدي على أهل (السنة والجماعة) والسعي لتدمير مقدساتهم، وشعائرهم، ومشاعرهم، ومثمناتهم: الحسية، والمعنوية. والقول على الله بغير علم، ولا هدى، ولا كتاب منير.
ثم يأتي المتحزِّبون باسم الإسلام، يناصرون شرار الخلق من يهود، وروافض، ومجوس. إنه الضحك المكشوف على السماعين الذواقين.
الدول المسالمة تدفع، ولا تهاجم، وتُبَلِّغ، ولا تفرض، تعطي، ولا تأخذ. ولكن الذين جُبِلوا على حب الأذية كـ(العقارب)، لا يدعون لمحبي السلامة، والسلام، والإسلام التمتع بما آتاهم الله من فضله.
اللهم اهْدِ ضال المسلمين. واحمِ حوزةَ الدين. واجمع كلمة المسلمين على الحق، يعبدونك، ولا يشركون بك، إنك وحدك المدبر، والهادي إلى سواء السبيل.