رمضان جريدي العنزي
طوبى للنبلاء الذين حملوا على عواتقهم مساعدة الآخرين ومساندتهم والوقوف معهم وانتشالهم من العثرات والانكسارات والسقوط، يعملون من أجل الناس بصمت وهدوء، بلا ضجيج ولا عجيج ولا صخب، يبتغون مرضات الله والدار الآخرة، أخلاقهم عالية، وسلوكهم قويم، ومبادئهم قيمة، البسمة على ثغورهم، والبشر يعلو محياهم، ما عندهم مصلحة ذاتية ولا فئوية، ومضاميرهم في العطاء ذات سبق وتفوق، يعشقون البذل ولا يتخلون عن فكرة العطاء، عشق البذل والعطاء والإيثار والإخلاص وسائلهم المشروعة في العمل، وسلوكهم خالي من الأدران، فلا غش ولا احتيال، ولا نصب ولا خديعة، ولا حقد ولا ضغينة، ولا مكيدة ولا دسيسة، عقلانيون وموضوعيون وأصحاب حكمة وبصيرة، وقلوبهم بيضاء طاهرة، إن النبلاء نجدهم في كل دائرة، وفي كل شارع، وفي كل جامعة، وفي كل مدرسة، وفي كل مسجد، وفي كل بيت، وفي كل سوق، وفي كل محفل أو زاوية، النبلاء مثل القصائد العصماء تهز القلوب، وتستولي على الأرواح، وتثير في النفوس التجليات، مفاهيمهم ثابتة، ومسلماتهم كبرى، إدراكهم عالٍ، ومنطقهم سليم، ضمائرهم حية، ويوقدون العزائم والهمم، أبطال حق، وفرسان مبادئ، طاقاتهم إيجابية، واتجاهاتهم سليمة، النبلاء أكابر من الرجال، يشعلون المصابيح، ويحطمون الحواجز، ومشاريعهم كلها نماء وإخلاص، ودموعهم إذا ما انسابت كلها رقة وإنسانية وحنان، إن النبلاء أصحاب همم عالية، واهتمامهم بالناس كبير، نشيطون ولا يحبون الكسل، مثل فراشة زاهية من حقل لحقل تطير، متميزون في العمل والعطاء والكلام، ولهم أناقة عالية، عذاب مثل سلسبيل، وغيمة حبلى بالمطر، يختصون بالعطاء دون الأخذ، ولأنهم كبار، تجاوزوا الذات والأنا، ما عندهم جشع ولا طمع، لا أنانية ولا اشتهاء استحواذ، رموز آثروا الآخرين على أنفسهم، وشاركوا الناس الضراء والعناء، ويسهمون بشرف في خدمة الناس، وعندهم عزوف كبير عن المدح، ويرفضون الإطراء، يمقتون التزلف والتملق والانتهازية، ومواقفهم يفاخر بها الأجيال، هم عملة نادرة، وكنز ثمين، ومعادنهم فاخرة، حسهم الإنساني أصيل، والصدق والصراحة عناوين بارزة لتعاملهم والمسير، شعورهم راسخ في البذل والتضحية، وعطاؤهم ينابيع متدفقة لا تنضب، كرام أوفياء، يزهدون بالنفس ولا يعجبون بها، مدارس في الأخلاق، ومعاهد في السلوك، وجامعات في التضحية والإيثار، وبناة حياة، مستقيمون أصحاب خجل وحياء، يجمعون المحبة والرحمة وحلاوة اللسان وطراوة اللام، يعيشون بود وحب وسلام وهناء، ولا يلتفتون لكلام الحمقى، وإذا ما خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماَ، لا ينحرفون عن الحق إلى الباطل، ولا عن الهداية إلى الضلال، فطوبى للنبلاء، أي والله طوبى لهم.